العدد 965 - الأربعاء 27 أبريل 2005م الموافق 18 ربيع الاول 1426هـ

"غاز المعامير" ليس قضاء وقدرا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تسرب الغازات إلى أهالي المعامير يجب ألا يمر مرور الكرام. فقد كادت حادثة تسرب الغاز ان تمر من دون تغطية لولا إصرار صحيفة "الوسط" على تغطية الموضوع يوما بعد يوم حتى أصبح حديث الشارع. ولكن الغريب هو أن البعض يحاول أن يميع الموضوع وكأن شيئا لم يحدث، وكأن موت الناس - من كل الأعمار - بسبب انتشار المرض الخبيث في هذه المنطقة أمرا عاديا لا يستدعي أن نتوقف قليلا لنسأل ونحاسب ونتخذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين.

لاشك أن أي نشاط يقوم به الإنسان يتضمن نوعا من المخاطر، والحل ليس في الابتعاد عن النشاطات التي يحتاج إليها الإنسان وانما الحل في الحد منها واحتوائها ضمن حدود مقبولة. ولا يمكن احتواء أية مشكلة الا بعد أن تتوافر المعلومات والقياسات عنها. بمعنى آخر، إن أي حل للمشكلة من دون تشخيص حجمها وعدم ضمان تكرار حدوثها ليس حلا وانما عبث يتسبب في تضييع الجهود وتبديد المال.

الاختصاصيون عادة يقيسون الخطر على النفس البشرية من خلال قياس وتقييم الخطر الذي يتسبب فيه نشاط معين على الإنسان القريب من هذا النشاط لفترة زمنية محددة "لمدة سنة مثلا". كما ان هناك تفريقا بين من يعمل في زمان ما وبين من يعيش بالقرب من مكان العمل الذي قد يسبب أضرارا له. فالذي يعمل في المكان لديه عقد عمل وهذا العقد من المفترض انه يوضح المخاطر والتعويضات التي يحصل عليها الشخص في حال تعرضه للضرر.

الضرر الأخطر هو إذا الضرر المجتمعي، الضرر الذي يتسبب لأفراد المجتمع القريبين من مكان عمل قد يحتوي على مخاطر على الصحة والسلامة العامة. وعلى هذا الأساس فإن المجتمع القريب من المصانع والمنشآت التي قد تحتوي على أضرار له حقوق يجب ان توضع في الاعتبار. هذه الحقوق تبدأ أولا بالشفافية وبالحق في معرفة ما يدور حوله بالضبط. فإذا كانت الضوضاء مرتفعة، فيجب أن يعرف المجتمع مستوى الضوضاء وطريقة قياسها وأثرها على الإنسان. وإذا كانت هناك غازات، فيجب أن توفر الشركات "والسلطات المعنية" معلومات شفافة وحقيقية تقول الحقيقة وتوضح مدى الخطر الذي يتعرض له الإنسان الذي ستصيبه هذه الغازات على مدى عام واحد.

إن على السلطات المعنية "الوزارة، البلدية، الشركة" أن توفر معلومات عن حجم الغازات الضارة التي تتسرب إلى الجو، وأن تعطي صدقية للمعلومات التي تقدمها من خلال إشراك مؤسسات التفتيش الهندسي "مثل شركة "لويدز"، "إس. ج. إس"، "دي. إم. في"، "بيريو فاريتاس"، وغيرها"، وهذه الشركات المستقلة تلتزم بتقديم تقارير كل سنة إلى السلطات المعنية توضح فيه مدى الخطورة على الإنسان الذي يعيش بالقرب من هذه المنشآت. وهذه التقارير يجب أن تسلم إلى البرلمان والبلدية، وتنشر ملخصاتها في الصحافة.

هذا ما يجب أن يكون ونحن نعيش في عالم تطورت فيه التقنيات وتتوافر فيه وسائل تسجيل ونقل وعرض المعلومة التي يحتاج إليها الإنسان لكي يعيش مطمئنا في منطقته السكنية من دون الحاجة إلى أن يموت بالسرطان أو يصاب بالحساسية، ومن ثم يقرأ تصريحات تقول له ان ما يجري له امر عادي لا يستدعي التحقيق أو إعلان الطوارئ. ايها السادة المعنيون بالأمر، سارعوا إلى تأدية واجبكم تجاه المجتمع، لأن هدفكم إسعاده وليس التسبب له بالسرطان. ان "غاز المعامير" ليس قضاء وقدرا، انه من صنع بني الإنسان

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 965 - الأربعاء 27 أبريل 2005م الموافق 18 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً