تلقيت اتصالات كثيرة خلال الفترة الماضية معظمها يتعلق بالإجراءات الأمنية المتبعة في المنافذ الحدودية للمملكة، سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، إذ يرى عدد من المواطنين أن الإجراءات المتبعة جيدة، ولكن هناك تباينا في تطبيقها في أوقات كثيرة من قبل الموظفين في شئون الجمارك. ويشير هؤلاء إلى أنه خلال الأيام العادية، عادة ما يتم سؤال المسافر القادم إلى المملكة عن الوجهة التي قدم منها، وعن طبيعة الأمتعة التي يحملها، من دون أن يتحمل موظفو الجمارك عناء التفتيش أو فحص هذه الأمتعة. وأبدى عدد من المتصلين استغرابهم من عدم تطبيق إجراءات التفتيش في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ظاهرة انتشار المخدرات، فضلا عن اكتشاف دخول أنواع معينة من الأسلحة والذخائر على فترات متباعدة بين الحين والآخر.
باعتقادي أن ما طرح هنا يعد صحيحا للغاية، فكثيرا ما يلاحظ القادم إلى المملكة من خلال جسر الملك فهد على سبيل المثال وكذلك مطار البحرين الدولي أن الموظفين المعنيين يكتفون بالسؤال من دون أن يقوموا بتفتيش ميداني، وهنا تزداد الفرص للتهريب بأنواعه المختلفة، الأمر الذي يسبب ضررا كبيرا للبلاد ويؤثر سلبا بشكل واضح على الأمن القومي البحريني الذي نحن بحاجة مستمرة إلى صيانته وحمايته من أي تهديد أو تحد داخلي وخارجي.
وإذا كانت العمليات الإرهابية امتدت في الفترة الماضية إلى عدد من بلدان مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية والكويت وأخيرا قطر، فإن المملكة ليست بمعزل عن هذه الحوادث، وتنعكس تداعيات الأوضاع في هذه البلدان الثلاة على الأمن الوطني البحريني من خلال تضييق الحصار وتشديد الإجراءات الأمنية على التنظيمات الإرهابية وقواعدها في تلك الدول، ما يؤدي بها - أي التنظيمات الإرهابية - إلى البحث عن بيئة جديدة يمكن من خلالها الاختباء والعمل بخفاء. وإذا كانت إجراءاتنا الأمنية عند المنافذ الحدودية هكذا، فقد تكون البحرين من أخصب البيئات الخليجية لدخول واستضافة أعضاء التنظيمات الإرهابية والإقامة فيها. وهو طبعا تحد خطير لابد من الاعتراف به، أو القول بإمكان تحققه على الأقل في أرض الواقع.
وفي ضوء ذلك فإن المطلوب ليس التضييق على رجال الأمن والجمارك الذين يعملون بإخلاص ليلا ونهارا في مختلف الظروف المناخية، وبساعات عمل طويلة، وفي أحايين كثيرة من دون الحصول على أجر إضافي كما ظهرت هذه المشكلة قبل أعوام يسيرة في الجسر. وإنما المطلوب هو إعادة التفكير في أساليب مبتكرة ومتطورة تعتمد على التقنية الحديثة في التفتيش الأمني، بحيث تقلل قدر الإمكان من دور العنصر البشري في متابعة الإجراءات الأمنية، وفي الوقت نفسه لا تسبب إرباكا للقادمين والمسافرين وتؤخرهم عن ارتباطاتهم المتعددة، وتزيد من مشقة السفر عليهم.
بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول أعادت بلدان كثيرة النظر في إجراءاتها الأمنية وطورتها باستخدام التقنيات الحديثة، وهو ما انعكس إيجابا على أمنها الداخلي، وإن سبب مشكلات كثيرة تضرر منها كثيرون من الناس، كما هو الحال بالنسبة إلى الإجراءات الأمنية المبالغ فيها عند المنافذ الحدودية الأميركية. وأرى أن توجه وزارة الداخلية البحرينية نحو استحداث نظام البصمة الإلكترونية في المطار مشروع مميز يخدم الأمن القومي البحريني، ولكن هناك إجراءات أخرى مازالت تفتقر إلى أدنى أساليب التكنولوجيا في أماكن ومنافذ أخرى. فهل بالإمكان أن نرى تغيرا في طبيعة الإجراءات الأمنية المتبعة في المنافذ الحدودية البحرينية؟
العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ