العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ

أما كان أحرى بك...

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

قرأت مرة أن رجلا رث الثياب ممزق الحواشي، قد لفحته الشمس فأحالته الى قطعة يابسة كأنما لم تر ماء منذ أعوام. كان قد قصد أحد الأغنياء في الزمن القديم. وكانت عيناه شاخصتان اليه ببصره تطلبان المعونة منه.

فاستقبله الغني بالبشاشة وأجلسه بالقرب منه، وسأله عن حاجته فقال:

- اني رجل فقير الحال جئتك طالبا شيئا أستر به عوز أبنائي.

فرد الرجل الغني:

- وكم عدد أبنائك يا شيخ؟

فرد الفقير:

- سبعة

فقال الغني:

- أفما كان أحرى بك أن تكتفي باثنين فقط لتخفف العبء عن نفسك؟ وهل كلهم ذكور أم أن منهم اناثا؟

فرد الفقير:

- بل ان غالبيتهم من الاناث

فقال الغني:

- أما كان أحرى بك لو خلفتهم جميعهم ذكورا ليساعدوك على مشاق الحياة؟ وهل تعاني من أمراض أيها الشيخ؟

فرد الفقير:

- نعم، انني أعاني جملة من الأمراض؟

فقال الغني:

- أفما كان أحرى بك لو كنت صحيح الجسم معافى بدل هذه الأمراض التي تجعلك تطلب من الناس؟!

ولو لم يخرج الفقير المسكين من دار الرجل الغني لظل الغني يمطره بتلك الأسئلة الاستفزازية عابثا بكرامته فقط لأنه أراد منه بعض المساعدة.

قرأت تلك القصة التي جرت في الزمن القديم فترحمت على الرجل الفقير الذي لم يشفع له أن باع ماء وجه من أجل عيون أبنائه دون أن يصل به الأمر الى الحد الذي يتندر عليه فيه الأغنياء.

وعجبت كيف أن الرجل الغني ذا النفوذ والجاه يبخل على فقير مسكين بدنانير قليلة تقيم أوده، متخذا من لحظة اللقاء به مساحة يمارس فيها القهر والضيم والظلم على نفوس هؤلاء الفقراء. وعجبت أكثر أن الخير كثير وأن الغني لن يتنازل عن شيء من ماله سوى نزر قليل ربما استهلكه في لحظة طيش من لحظات حياته. ولكن أن يسخو به على نفسه خير من أن يسخو به على هذا الفقير

العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً