العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ

المواطن البحريني...ميت بين الأحياء

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أعتقد بأنني لا أبالغ حينما أصف المواطن البحريني بأنه ميت بين الأحياء، فهذا واقع لا مفر منه، فكيف لنا أن نصف إنسانا بأنه على قيد الحياة وهو يموت في اليوم ألف مرة. الأوضاع المعيشية تتحول يوما بعد يوم من سيئ إلى أسوأ ومن الوضع المأسوي إلى الوضع الكارثي، وهذا ما نخشاه. البحريني لا ينبغي له أن يعيش عيشة ضنكا كهذه، ففي بلده من الخيرات ما يكفي لأن يعيش معززا مكرما، ولكن سوء توزيع الثروات والبيروقراطية وغيرها من الآفات، تجعل من القضايا المعيشية وضعا كارثيا، وبدت الفوارق تتسع طبقة معدمة وطبقة برجوازية، وبدت تتلاشى شيئا فشيئا الطبقة الوسطى، بسبب الديون والقروض والالتزامات المالية.

الوضع هنا يختلف كثيرا عما هو موجود في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال لا الحصر، فكثيرا ما عقدنا مقارنات بين الوضع هنا في البحرين والوضع في سنغافورة على سبيل المثال، نظرا إلى عدة اعتبارات منها المساحة الجغرافية مع الفارق طبعا سنغافورة يفوق عدد سكانها عدد سكان البحرين عدة مرات إلى جانب كونها دولة غير نفطية، بعكس ما هو موجود في البحرين، بلدة صغيرة المساحة قليلة الكثافة السكانية كثيرة الخيرات، فهي من الدول النفطية، وبالتالي نحن المواطنين لا نشعر بأية حال من الأحوال أثر ارتفاع أسعار النفط أو حتى انخفاضها، فنحن لسنا كدولة الكويت مثلا عندما ترتفع أسعار النفط ينعكس ذلك إيجابا على معيشة المواطن، إذ ترتفع الرواتب بضغطة زر كما يعبر عنها البعض. الوضع هنا يختلف تماما، عائدات النفط لا أحد يستطيع أن يجرؤ ويسأل عنها، فغالبيتها تذهب إلى أرصدة المتنفذين الذين لا يشبعون ويتلذذون حينما يشعرون بمعاناة الآخرين.

المواطن البحريني ميت يمشي ويفكر ماذا يفعل بالغد والديون أرهقت كاهله، فهو لا وظيفة محترمة تستطيع أن توفر له عيشة كريمة ولا مسكن يقدر أن يأوي إليه ليرتاح من عناء اليوم الذي يعيشه، بعكس ما هو حاصل للمواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي التي لا تفصلنا عنهم سوى بضعة كيلومترات، فالحياة فيها مختلفة تماما، ففي الأيام القليلة الماضية أمر حاكم عجمان الشيخ حميد بن راشد النعيمي بزيادة رواتب وأجور العاملين في حكومة عجمان بنسبة 25 في المئة للمواطنين و15 في المئة لغير المواطنين، اعتبارا من الأول من الشهر المقبل، وذلك في إطار حرصه على تخفيف أعباء المعيشة على العاملين في الحكومة.

وفي الدولة نفسها، ومنذ فترة طويلة تمتد 30 سنة إلى الوراء، وفي إمارة أبوظبي تحديدا، صدر النظام رقم "1" لسنة 1976 في شأن بدل السكن للمواطنين والمستخدمين المواطنين تنفيذا لقرار مجلس الوزراء رقم " 16" لسنة 1976 المعدل بالنظام رقم "5" لسنة 1979 بعد موافقة حاكم البلاد على منح الموظفين والمستخدمين بدل سكن بنسبة 40 في المئة من المرتب الشهري الأساسي للموظف أو المستخدم الأعزب وبحد أقصى قدره بالدينار البحريني "150" دينارا وبحد أدنى قدره "30" دينار و60 في المئة من المرتب الشهري الأساسي للموظف أو المستخدم المتزوج أو المستخدم المتزوج ويعامل الموظف أو المستخدم المتزوج الذي تتوفى زوجته أو تنفصل عنه بالطلاق من دون ولد يعوله في الحالتين معاملة الأعزب، أما إذا كان له ولد معال فتستمر معاملته معاملة المتزوج، والموظفة أو المستخدمة المتزوجة تعامل معاملة الأعزب ما لم يكن زوجها عاجزا عن الكسب أو كانت أرملة ولها ولد تعوله فتعطى في هاتين الحالتين النسبة المقررة للمتزوج ويثبت العجز عن الكسب بقرار اللجان الطبية المتخصصة. وإذا اجتمع الزوج والزوجة في خدمة الحكومة او المؤسسات والهيئات العامة أو الشركات التي تسهم فيها الحكومة فيقتصر منح السكن على اكبرهما راتبا وبفئة المتزوج ما لم يكن كل منهما يعمل في جهة غير الجهة التي يعمل بها الآخر تبعد عنها بمسافة لا تقل عن مئة كيلومتر. ففي هذه الحال يمنح بدل السكن لكل منهما بفئة الأعزب ويقتصر منح بدل السكن على من يكون مقره في داخل الدولة ولا يصرف بدل السكن للموظفين والمستخدمين الذين يتمتعون بمسكن حكومي مجاني خاص بهم ما لم يكن هذا المسكن مسكنا شعبيا "كبيوت الاسكان" أو بيت حكومي تم تمليكه أيهما بموجب سند تمليك صادر من السلطة المختصة.

لاحظ الفرق بأم عينك وتذكر في الحال ما عنونت به هذا المقال، بأن المواطن البحريني ميت بين الأحياء، فكيف له أن يعيش وأن يكون من الأحياء وهو في كل لحظة يتنفس الصعداء، المواطن في إمارة أبوظبي أو في إمارة عجمان يتمتع برواتب عالية وامتيازات لا يتمتع بها المواطن البحريني ومع ذلك يرتفع راتبه بين اللحظة والأخرى حرصا من الحكومة على تخفيف أعباء الحياة على مواطنيها، وكذلك يصرف لهم بدل سكن لأن حكومته تعلم جيدا بأن السكن مصدر استقرار وأمان للمواطن، أما ما هو حاصل في البحرين لا الحكومة تقوم بواجبها تجاه المواطن وتوفير متطلباته الأساسية من مسكن ووظيفة وكل ما تقدر فعله هو دغدغة مشاعر الناس على غرار ما نسمعه من مثل شعبي دارج: "نسمع جعجة ولا نرى طحينا"، خذوا أمثلة: البونس، العيدية، الضمان الاجتماعي، المعونات الاجتماعية... والقائمة تطول، فنحن نسمع الكثير الكثير ولكن لا نرى شيئا ونأمل أن نرى ولا نسمع. والمؤسف أن المواطن البحريني لا يقدر على القيام بما تعجز عنه الحكومة فحاله على الله.

* كاتبة بحرينية

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً