دعا رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف، الجمعيات المعارضة إلى "استثمار انعقاد منتدى المستقبل الذي سيشارك فيه وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية الكبرى في البحرين خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ،2005 وطرح المسألة الدستورية". وشدد على ضرورة التحرك شعبيا لاستنهاض الدعم الخارجي، وإذا قيل لنا ان هذا لجوء للأجنبي، فجوابنا لهم ان هذا كلام فاضي. وأبدى شريف رفضا قاطعا للطرح الذي يشير إلى إمكان الاتفاق على أسلوب الانتخاب غير المباشر لأعضاء مجلس الشورى، من خلال ترشيح أعضاء من مؤسسات المجتمع المدني، يختار الملك منهم أربعين شخصا لعضوية الشورى.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مساء أمس الأول جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وشارك فيها بالإضافة إلى شريف، الناشط السياسي المستقل عزيز أبل.
ما قبل الميثاق
وسرد شريف في بداية حديثه جانبا مما جرى في العامين 2000 و،2001 اللذين تم فيهما التحضير والتصويت على الميثاق، إذ أشار إلى "أن مشروع الميثاق لم يكن في بدايته محاولة للدخول في تسوية تاريخية مع المعارضة، إذ أراد الحكم الشروع في مرحلة جديدة من دون تقديم تنازلات للمعارضة. فلم يقبل بالتفاوض مع المعارضة كما فعلت حكومات دول عدة اضطرت في نهاية المطاف تقديم تنازلات مؤلمة لخصومها السياسيين، بل كان يرغب في تقديم تنازلات مباشرة ومحدودة من دون أن تحصد المعارضة من ذلك كسبا سياسيا".
وأشار شريف إلى ما صاحب عمل لجنة إعداد ميثاق العمل الوطني، من تغييرات واستقالات، ومطالبات للمعارضة بانفراج سياسي يواكب إقرار الوثيقة في استفتاء شعبي، وقدم النظام تعهدات لفظية عن حاكمية الدستور والطبيعة الاستشارية لمجلس الشورى، وأطلق سراح بقية المعتقلين وأعاد المنفيين وعلق قانون أمن الدولة ومحكمته، إلا أن قوى المعارضة سارعت لاقتسام المغانم واستمرت على حالها حتى بعد ثلاثة أشهر من تدشين الملك لدستور ،2002 إذ اختصمت في الانتخابات البلدية في مايو/ أيار ،2002 وكأنها قد أنجزت مرحلة تحرر المجتمع من هيمنة الدولة، فغابت الاستراتيجيات في غابة المغانم وسادت شعارات "الاستحقاقات" و"عدم التمكين"، وكاد الصراع أن يتحول إلى صراع بين الدينيين والعلمانيين بعد أن كان صراعا بين المعارضة والسلطة.
هل كان الحكم يود مشاركة المعارضة؟
وتساءل شريف عما إذا كانت الدولة أرادت مشاركة المعارضة في الانتخابات البرلمانية الماضية، مجيبا "كان الحكم يهدف إلى إشراك المعارضة في اللعبة بحسب شروطه: فقد حسم النتيجة سلفا باحتكاره سلطة توزيع الدوائر الانتخابية، وبتوزيعه غير العادل للدوائر لصالح الدوائر الموالية، وأصبح من الصعب على المعارضة الحصول على أكثر من نصف المقاعد النيابية، كما حصن نفسه بخطوط دفاع متعددة من خلال دستور ،2002 وأخرج ديوان الرقابة المالية من ترسانة أسلحة المجلس النيابي، ووضع خط دفاع آخر من خلال السيطرة التامة على السلطة القضائية، وخطط لدخول المعارضة والقوى ذات الرصيد الشعبي من خارج تيارات المعارضة "السلف والإخوان المسلمين" في برلمان محدود الصلاحيات، واشغالها بصراعاتها الصغيرة المذهبية أو الفكرية والاجتماعية، أو قضايا الأحوال الشخصية والحريات الفردية".
المشاركون أقروا بصعوبة العمل
وأوضح شريف أن مرحلة المجلس النيابي "أسفرت عن إقرار من المشاركين بصعوبة العمل البرلماني، وخصوصا في مجال التشريع بشروط دستور ،2002 وشعر الجمهور بخيبة أمل من أداء المجلس، إذ عادت الأمور إلى ما كانت عليه من اللجوء إلى الحكم لحل المشكلات بنظام المكرمات بدل انتظار وعود النواب الفارغة. وتحول البرلمان بسرعة من مهمات التشريع المستحيلة، إلى إبداء الرغبات وتفريغ الشحنات الطائفية بين أعضائه، والى الخلافات الصغيرة". مضيفا "فالنظام السياسي على رغم حاجته لتلميع المجلس النيابي وإظهاره بصورة المجلس الناجز، استمر في احتكار المكرمات لنفسه، بينما كان أعضاء المجلس يستجدون من الحكومة الموافقة على رغبات توزيع البونس أو زيادة الرواتب أو الضمان الاجتماعي وغيره".
الضغوط التي ستدفع بالتغيير
وشدد شريف على أن "المعارضة الشعبية هي أهم أوراق المعارضة، ولكنها ورقة لا تكفي في غياب أزمة عامة للنظام أو قوى إصلاحية من داخله أو ضغوط خارجية جادة".
واختتم شريف حديثه بالقول "يتطلب من المعارضة الاعتراف بأن تحالفاتها مازالت تفتقد البعد الاستراتيجي، فهي تختصم في انتخابات 2002 البلدية، وتتحالف ضمن برنامج المقاطعة في الانتخابات النيابية، وما يدرينا كيف ستتعامل مع بعضها بعضا في انتخابات 2006 البلدية أو كيف ستتعامل مع اختلاف وجهات النظر في الانتخابات النيابية العام .2006 نعم المعارضة أكثر نضجا مما كان الحال في 2001 والنصف الأول من ،2002 إلا أنها مازالت تفتقد آلية صنع القرار الموحد. إن أكبر إشارة نرسلها إلى الحكم بأننا غير قابلين للتجزئة مرة أخرى هي قيام هيئة وطنية من قوى المعارضة يكون مهمتها صناعة القرار الموحد، أمام قرار السلطة الموحد بحيث يصبح من المستحيل على الحكم تجزئتنا إلى مقاطع ومشارك والتلاعب على التناقضات الطبيعية الموجودة بيننا".
من جهته، قال الناشط السياسي المستقل عزيز أبل، إنه لابد في أية عملية للتعديل الدستوري، من صوغ نصوص دستورية متوافق عليها بين الدولة والمعارضة، بوجود شهود من خارج البحرين لكي لا يتم التراجع عن أي شيء يتم الاتفاق عليه، وانتقد أبل بعض رؤساء الجمعيات المقاطعة، لما اسماه عدم توصيفهم الدقيق لدستور ،2002 ورأى أبل في إجابة له على أحد الأسئلة أن الحكومة لم تكن ترغب في دخول المعارضة إلى البرلمان
العدد 963 - الإثنين 25 أبريل 2005م الموافق 16 ربيع الاول 1426هـ