النقابات العمالية في المؤسسات الحكومية استنفرت طاقاتها لمواجهة عملية الخصخصة في "الأشغال والإسكان" والجمارك والموانئ والمناطق الحرة و"الكهرباء والماء" والبريد، وغيرها من المؤسسات التي سيطولها برنامج الخصخصة، أي نقل مسئولية المهمات من القطاع العام إلى القطاع الخاص. الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين طالب بإنشاء "مجلس أعلى للخصخصة" يتكون من جميع الأطراف المعنية لوضع آليات محددة وواضحة لعملية خصخصة المؤسسات الحكومية بهدف ضمان حقوق العاملين. غير أن الأمين العام لاتحاد النقابات عبدالغفار عبدالحسين أكد ان "الخصخصة شر لابد منه". وفعلا، فإن الخصخصة شر لابد منه اذا كانت الحكومات تود تحويل دورها من "المدير" إلى "المراقب". فمشكلة القطاع العام انه لا يهتم بالأرباح أو بالخسائر، ولذلك فإن الانتاجية والجودة عادة تتدنيان إلى أدنى المستويات ويتحول القطاع العام إلى "بطالة مقنعة". وفي كثير من البلدان التي تتخلف اقتصاديا تجد القطاع العام يتحول إلى عش للكسل والخمول والجمود، وتتحول مؤسسات الدولة من مهمة الاشراف على سير الأمور إلى تعطيلها لأنها هيئة عليا تصعب محاسبتها كما أن هذا يفسح المجال للفساد لكي ينتشر، لأن المعاملات التي تتعطل بسبب عدم الانتاجية والجودة يمكن تحريكها عبر "الواسطة" أو "الرشوة". على أن برنامج الخصخصة يجب ان يكون ضمن برنامج واضح المعالم على المستوى الاستراتيجي والتفصيلي، كما قال الأمين العام لاتحاد النقابات عبدالغفار عبدالحسين. فالدولة قامت بتحرير قطاع الاتصالات، والخطوة دفعت الى الزيادة في التنافسية وحسنت أداء شركة "بتلكو" مع دخول المنافس "إم تي سي فودافون" كما ان الحكومة خطت باتجاه خصخصة جانب من قطاع الطاقة وهي أيضا خطوة في الاتجاه الصحيح. غير أن المشكلة تكمن في أن بعض النشاطات التي سيتم تخصيصها ليست مثل قطاع الاتصالات أو القطاعات النامية، وانما تتعلق بالخدمات التي من المتوقع أن تعتمد على أيد عاملة رخيصة وأجنبية، فالقطاع الخاص له متطلباته من أجل المحافظة على الانتاجية والربحية وإلا فإنه لن يقدم على القيام بمهمات هذه الخدمة أو تلك. الذين سيطولهم برنامج الخصخصة لا شك أنهم يبحثون عن ضمانات لمعيشتهم، أو عن تعويضات مجزية لأنهم كانوا يقومون بأعمالهم كما هو مطلوب منهم، وانهاء الخدمة لم يكن بسبب مخالفات ارتكبوها، وإنما بسبب استغناء القطاع العام عن هذه الخدمة أو تلك. وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة دعا الى ضرورة التريث بشأن خصخصة خدمة تشغيل الموانئ إلى حين حصر عدد الموظفين الذين ستتم احالتهم إلى التقاعد المبكر، مشيرا إلى ان الشركة التي ستتولى تشغيل الموانئ ربما تبرم عقودا مع عدد منهم. الحكومة قادرة على تعويض الذين سيتعرضون للفصل، تماما كما تفعل باقي الحكومات وذلك عبر شراء سنوات خدمة ورفع مستحقات تؤدي في النتيجة إلى أن يحصل المفصول على دخل شهري مناسب بعد إكمال الخصخصة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ