ربما أدرك الساسة البريطانيون، انطلاقا من التجربة الانتخابية السابقة، أهمية أصوات المسلمين في بريطانيا، طبقا للثقل الذي يشكلونه، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد هذه الأصوات يزيد على المليون صوت. وهذه نسبة معتبرة تؤثر بشكل حاسم في العملية الانتخابية.
ولأن الجالية الإسلامية هي أكبر الجاليات، فقد تسابقت الأحزاب، كل يحاول اجتذابها إلى جانبه، لكن هذه المحاولات لم تعد كما في السابق تجرى بأسلوب المراضاة أو الوعود الشفهية، فقد تغير الزمن، وهناك استحقاقات تهم عموم المسلمين في بريطانيا، ولذلك فإن الحزب الذي يريد من هذه الجالية موقفا انتخابيا مساندا، عليه أن يضع على نفسه التزامات تجاه مطالبها المشروعة.
هذه الحقيقة أصبحت البوصلة التي توجه مسار المسلمين في بريطانيا، فقد صرح بعض ممثليهم بأن أصوات المسلمين ستذهب إلى الجهة التي تساند القضايا العربية والإسلامية، وخصوصا الموقف من الحرب على العراق والقضية الفلسطينية والجدار العازل وقضايا المستوطنات والقدس، هذا على المستوى الخارجي، أما على المستوى الداخلي، فإن مقتضيات الواقع الذي يعيش فيه المسلمون، يتطلب من الجهة المعنية أن توفر عناية عادلة لقضايا المسلمين البريطانيين على غرار ما توفره للجاليات الأخرى الأقل حجما من الجالية المسلمة.
وكان المجلس الإسلامي البريطاني نوه إلى ذلك أيضا، لكن اتجاها فيه قد مال نحو حزب العمال بعد أن تسلم وعودا من قيادته بأن هذا الحزب سيسعى إلى تحقيقه الحد الأعلى لمطالب المسلمين في بريطانيا.
وقد حاولت وسائل الإعلام البريطانية الإشارة إلى التقارب بين المسلمين وحزب العمال، ما دفع حزب المحافظين والليبراليين إلى إرسال ممثلين لهما للتفاهم مع شخصيات إسلامية بهدف تأكيد سعيهما نحو تحقيقه مطالب المسلمين.
لكن ثمة شعورا لدى أوساط واسعة من المسلمين، بأن هذه الالتفاتة تدخل في إطار التنافس بين الأحزاب، وهي في الواقع مجرد وعود لا تستند إلى أرضية رسمية واضحة، وقد هددت هذه الأوساط بإسقاط بعض المرشحين لمواقفهم السابقة المعادية للقضايا العربية والإسلامية، مثل مرشح العمال وزير الخارجية الحالي جاك سترو والمرشحة اونا كينغ. ومع ذلك، فإن شعبية حزب العمال مازالت تفوق شعبية الأحزاب الأخرى، لكنها انخفضت في أوساط المسلمين إلى 38 في المئة بعد أن كانت 75 في المئة في الانتخابات السابقة.
لكن استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة "الغارديان" قبل يومين أشارت إلى أن حزب العمال حصل في الأول من ابريل/ نيسان على نسبة 37 في المئة، في حين حصل المحافظون على 34 في المئة والليبراليون على 21 في المئة.
وفي 12 ابريل حصل العمال على 39 في المئة والمحافظون على 33 في المئة والليبراليون على 21 في المئة. وفي 19 ابريل حصل العمال على 37 في المئة والمحافظون على 33 في المئة والليبراليون على 22 في المئة.
أما البقية، وهنا يبرز دور المسلمين الذين مازالوا لم يتخذوا قرارهم النهائي، فقد شكلت نسبتهم في الأول من ابريل 8 في المئة وفي 12 ابريل 7 في المئة وفي 19 ابريل 7 في المئة.
هذه النسبة هي التي ستحدد نتيجة الانتخابات القادمة، وربما تزداد أو تقل بحسب التطورات، إذ تدرك الأحزاب الثلاثة أهمية هذه النسبة، لذلك تحاول بأقصى ما يمكن الوصول إلى تلك الأصوات لتحقيق الانتصار.
امبراطور الإعلام روبرت مردوخ يؤيد "العمال" في الانتخابات
لندن - الوسط
صحيفة "ذي صن" البريطانية قررت مساندة "العمال" في الانتخابات المقبلة، انطلاقا من قرار المالك روبرت مردوخ الذي يتربع على عرش أكبر امبراطورية اعلامية في العالم.
وكانت هذه الصحيفة من مؤيدي حزب المحافظين تقليديا، ولكنها العام 1997 انتقلت الى جانب حزب العمال، وقد فسر ذلك بأنها كانت تعرف جيدا ان هذا الحزب سيحقق الانتصار في الانتخابات آنذاك، وارادت الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية.
ومنذ ذلك الحين واصلت الصحيفة مسيرتها التضامنية مع طوني بلير وحزبه، ولم يؤثر موقف الحزب الذي يتعلق بقضية المهاجرين التي كانت إحدى اهم القضايا الداعية الى تطابق خط الصحيفة مع خط حزب المحافظين، في زعزعة التوافق بينها وبين حزب العمال.
الدوائر السياسية والصحافيون يشيرون الى أن لمردوخ تأثيرا على طوني بلير بفضل اعلامة الموجود في بريطانيا وخصوصا صحيفتي "ذي صن" و"تربيون"، فقبل بضعة أيام ظهر خبر مفاده ان مردوخ قد وعد بلير بأنه سيخصص جزءا كبيرا من إعلامه لصالح حزب العمال.
وتحاول الصحيفة ان تبرز نجاحات حزب العمال واخفاقات المحافظين، وأخذت تركز في الآونة الأخيرة على قضايا الاجرام والتعليم والاستثمارات والصحة، وكلها أمور تتعلق بواقع المنتخب البريطاني، إذ تسعى الى اقناع القراء بأن طوني بلير قد أنجز الشيء الكثير خلال السنوات الماضية، وان انتخابه هذه المرة سيؤدي الى استكمال برامجه التطويرية في مختلف المجالات، لذلك بنبغي اعطاؤه فترة اضافية. ولكن الصحيفة في الجانب الآخر أخذت تبرز نواقص المحافظين وتجردهم من النوايا والوعود التي يسدونها للناخبين، معتبرة كل ذلك مجرد محاولات لإيهام الناس وخداعهم.
والى الآن لم تصدر عن أية جهة ثمة تقديرات أو تخمينات عن طبيعة الموقف الذي اتخذه مردوخ في مساندة طوني بلير وحزب العمال، لكن هنالك اشارات خافته إلى ان القضية مرتبطة، بمصالح بعيدة الأمد
العدد 961 - السبت 23 أبريل 2005م الموافق 14 ربيع الاول 1426هـ