كثيرا ما يصرح النشطاء الحقوقيون باللجوء إلى القانون الدولي، وآليات الأمم المتحدة، واللجان المختصة بالاتفاقات الدولية، التي انضمت إليها أو صدقت عليها المملكة، للضغط على الحكومة، ولملاءمة التشريعات الوطنية للمواثيق الدولية.
تصريحات النشطاء الكثيرة، واللامعدودة بالتلويح باللجوء إلى آليات اللجان المختصة بالاتفاقات بالأمم المتحدة، والتعويل عليها، ليست مجسدة على أرض الواقع، فلم يلجأ الى "الخارج" إلا في قضية التمييز العنصري أخيرا في جنيف، كما سترفع احدى الهيئات تقريرا عن التعذيب إلى اللجنة المختصة باتفاق مناهضة التعذيب، في شهر مايو/ ايار المقبل، أما دون ذلك فلا يوجد تحرك حقوقي مدروس لـ "الخارج" منذ الانفراج السياسي في العام .2001
ولكن في المقابل، ليس من العدالة لوم النشطاء على تقصيرهم هذا، فالغالبية العظمى منهم غير مؤهلين للعمل الحقوقي، وليست لهم تجارب في محافل دولية، وذلك لنقص بل شح الخبراء المدربين، لاعطاء الورش والدورات المتخصصة، في الرصد والمراقبة، وكتابة التقارير، كما ان الحقبة الماضية لم تسمح للنشطاء بمزاولة العمل الحقوقي ما ادى الى اقتصار العمل الحقوقي على النشطاء في الخارج، واقتصار دور الداخل على التوثيق السري.
كما أن الكلفة الباهظة للدورات الحقوقية في الخارج، وانعدام التمويل والدعم المالي من الحكومة للجمعيات الحقوقية، إلا المرضي عنها، قد يعقدان مسألة التمويل، لذلك ليس من المستغرب ان نجد ناشطا حقوقيا يعمل ميدانيا في مجال حقوق الإنسان إلا انه ومع "كثرة تلويحة باللجوء الى الخارج" يجهل كيفية كتابة الشكاوى والتقارير، ولا يعلم عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان شيئا، في حين انها بمثابة الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، وتعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وتسلم الشكاوى، وتتابع كل الأجهزة وبإمكانها أن تكون حلقة الوصل بين الأفراد والمنظمات الدولية، إلا أن آخر مرة خاطب فيها النشطاء المفوضية كان منذ حوادث التسعينات!.
عوضا عن ذلك فإن بعض النشطاء لم يسمعوا أساسا عن "إجراء 1503" الذي ينص على "المحاسبة غير العلانية للحكومات"، والذي من الممكن أن يلجأ أليه ضحايا الانتهاكات بمختلف صنوفها.
مسألة نشر ثقافة حقوق الإنسان للعامة تستدعي وعي القائمين على الحركة الحقوقية أولا، وذلك لا يتم إلا بدعم "مالي" لتلك الجمعيات، بدلا من تأسيس جمعية حقوقية أخرى لمنافسة ومراقبة الجمعيات المستقلة ويغدق عليها ما لا يغدق على غيرها.
الجمعيات الحقوقية لن تكون قادرة على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها، إن كانت هي أساسا تحتاج لمن يدربها ويعتني بها
العدد 960 - الجمعة 22 أبريل 2005م الموافق 13 ربيع الاول 1426هـ