إن الاعتداء الأخير بالضرب على النائب العراقي في التيار الصدري فتاح الشيخ من قبل جندي أميركي على رغم إبرازه لهوية البرلمان يجب ألا يمر مرور الكرام. إذ يؤكد الحادث أن الحرية التي يتحدث عنها الرئيس جورج بوش حرية مزيفة، وان الديمقراطية تحت الاحتلال إنما هي خدعة ورياء. فهذا الاستفزاز ليس الأول من نوعه فقد تعرض النائبين العراقيان سلام عودة المالكي وشذى الموسوي قبل أسبوعين للإهانة نفسها التي تعرض لها الشيخ. ويبدو أن الاحتلال لا يفهم إلا منطق السلاح وخصوصا من جهة التيار الصدري الذي كلما اتجه نحو السلم تم الاستهتار به. فقد اغتيل قيادي بارز في التيار أثناء توجهه إلى المشاركة في مسيرة سلمية في بغداد الأسبوع الماضي. ولذلك ظل الزعيم الديني مقتدى الصدر مناكفا للوجود الأميركي في العراق منذ البداية. وهو حينما يخاطب أنصاره بأن يقطعوا رؤوس المحتلين كما هم يزهقون أرواح المؤمنين محق في ذلك.

فالحرية تنقلب إلى اضطهاد حينما تغلق جميع الجسور والطرق في بغداد وتتعطل مصالح المواطنين يوميا لكي تنعقد جلسة للبرلمان. ووصل العنت إلى درجة ندم فيها الناخب على اليوم الذي ذهب فيه إلى صندوق الاقتراع لكي يأتي بممثلين يضيق عليهم وعليه الخناق ليل نهار. فلماذا لا تغادر القوات الأميركية على الأقل المنطقة الخضراء باعتبارها منطقة دبلوماسية إذ تنعقد الجمعية الوطنية. وإذا كان لابد من الحراسة يستعاض عنها بقوات الحرس الوطني أو حتى بالمليشيات المحلية مثل قوات بدر أو قوات البشمركة. وكان حريا بالبرلمان العراقي تعليق جلساته احتجاجا على هذه الاعتداءات إذ لا تكفي مطالبته باعتذار أميركي وذلك حتى يثبت للعالم كله أن وجود المحتل هو الذي يعطل العملية السياسية.

ونستخلص أنه من غير المناسب أن يستقبل أبناء العراق الإهانات المذلة التي تحصل إلى ممثليهم بسيمفونيات ينعى فيها الوضع القائم بأنه سياسة الأمر الواقع. فلابد من تكاتف جميع فئات المجتمع لكي تضع جدولا زمنيا لخروج المحتل في أقرب وقت حتى ينعم هذا البلد الأبي بالاستقرار