أن يكون الفتى مراهقا فتلك حال طبيعية ولكن العيب عندما يصبح رب الأسرة مراهقا يضع النظارة على محياه "الجميل"، ثم ينتقل في الأسواق باحثا عن "عشيقة" تبيع الهوى. كثير هم الآباء الذين يمزقون هيبة الأبوة ويخربون سياج الأسرة على عتبات "المغرمات". فالحب الذي كان يردده على مسامع زوجته الفقيرة كان مجرد لقلقة لسان وكأن شعاره شعار عمر بن أبي ربيعة:
سلام عليها ما أحبت سلامنا
فإن كرهته فالسلام على أخرى
ظاهرة الغراميات وعلاقات العشق العذري انتقلت من مرحلة السرية والمكوث تحت الطاولات وخلف الستار إلى الظهور العلني وبكل تبجح... تسأله ألست متزوجا فيجيبك: نعم، لكن مليت... أريد أشوف حياتي... الخ. الآن أصبحت العلاقات "الغرامية" على قدم وساق حتى ابن الـ 51 عاما يتكلم عن العلاقات و"الحب" و"الكلام الفاضي"... ثعبان الغراميات زحف وتسلل حتى دخل بعض أعشاش المتزوجين... زوجة تخون زوجها مع مسئول. زوج يفاجئ زوجته بعلاقة غرام مع بنت الجيران أو مع الخدامة... وآخر بعد مرور أكثر من 51 عاما من زواجه يعود إلى عشيقته الأولى التي تزوجت عنه وتمر 51 سنة بعد الزواج ويكتشف أنها تطلقت من زوجها فيقوم هو الآخر بتطليق زوجته ورميها هي وأبنائها الأربعة على الرصيف ليعود للحب الأول على طريقة:
نقل فؤادك أنى شئت من الهوى
ما الحب إلا للحبيب الأول
تماما يكررون أوهام الحب العذري ضاربين بكل المبادئ والقيم عرض الحائط... على طريقة مجنون ليلى:
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلا بشيء غير "ليلى" ابتلانيا
السؤال: كم من مراهق وهو في سن الخمسين... لا يحترم كبر سنه... لا يقدر شيبته... لا يفكر في هذه "الفقيرة" هي وأولادها... ما مصيرهم؟ لماذا يدفعون ثمن الغباء والجهل والأنانية. وكم من فتاة صغيرة ضحك عليها بكلمات فارغة فراحت ضحية الانفلات الخلقي وكذب الكلمات العذبة وأبواها منشغلان في أعمالهما. يأتي بعض هؤلاء الذئاب البشرية ويلقون دلاء من الكلمات العسلية في اذن هذه الغبية المخدوعة، فتراه كثير عزة أو قيس ليلى العامرية يلقي عليها بعض الكلمات على طريقة "أحب من الأسماء ما وافق اسمها".
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
ليلاي منكن أم ليلى من البشر
أو كذبة قيس:
أقلب طرفي في السماء لعله
يوافق طرفي طرفها حين تنظر
وانها لو "يداوى بها الموتى لقاموا من القبر"... الخ. يحفظ كم كلمة شعر وكم حكمة إلى أن يرسم خيوط الشباك... الأب نائم والبنت على الكمبيوتر وفي الماسنجر علاقات وأرقام. والغريب في الأمر أن الشيطان قد يدخل من نافذة المدرسة... أصبح هناك فتيات يتفاخرن بكثرة عدد المعارف وتبادل الصور والكلمات، ويا للأسى عندما تصبح الزوجة مشغولة بعشيق والزوج مشغول بعشيقة، فكيف سيكون حال الأبناء، فلاشك "شيمتهم الرقص"... ليست هذه مبالغات أبدا. الأمن الاجتماعي يحتاج إلى رعاية، وكل يوم نسمع... اعتداء على طفلة... اعتداء على طفل... آسيوي يحاصر طفلا... صاحب برادة يتحرش ببنت، وهكذا.
السؤال: أين الآباء... أين الأمهات؟ تمشي في السوق... أحيانا ترى شابا تظنه بنتا يمشي "بتغنج"... حافا حاجبيه وشعره منسدل، فتقول: يا ساتر استر. إذا كان هؤلاء هم شباب الغد "فبورك في الشباب الطامحينا"! الغريب أن بعض شبابنا افتتن بكل ما في الغرب حتى بخزعبلات الغرب... يمشي وعليه "بانطلون" مشقوق عند جهة الركبة... تظنه فقيرا وإذا بك تكتشف أن الموضة اليوم أن تلبس "بانطلونا" مليئا بالشقوق وهناك من الشباب إذا اشترى "بانطلون الجينز" سليما ذهب به إلى الخياط ليمزق بعض المواقع. يا ساتر استر. أحيانا ترى شابا يمشي ولكنه "كله على بعض مخربط" لا تعلم هو أمامك "اطالعك" لو ماشي لقدام.
يقول الشاعر:
لم يبق في دفاتر التاريخ لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم، وهربوا أموالهم وانسحبوا
إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تزينوا، تكحلوا، تعطروا، تمايلوا أغصان خيزران
حتى تظن خالدا سوزان ومريما مروان
ما أردأ الأحوال في دولة قمعستان
حيث الذكور نسخة عن الإناث
حيث النساء نسخة عن الذكور
حيث التراب يكره البذور وحيث كل طائر يخاف من بقية الطيور
إنها بداية سقوط الحضارة...
هذه الصور تعمل على تدمير المناعة الأخلاقية عند الشباب، الذين لم يخلقهم الله عبثا، والحديث يقول: "العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم"، والإمام علي "ع" قال: "هلك في اثنان، محب غال ومبغض قال".
الأديب يحمل ريشة تارة تحمل قساوة ظفر النسر وتارة نعومة ريش النعام وما بينهما يسقط ضحايا وضحايا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 958 - الأربعاء 20 أبريل 2005م الموافق 11 ربيع الاول 1426هـ