الشرط: نية احتواء، وأسلوب لإملاء أداء ما. .. وأداؤك أمامه لا يمثلك، ولا يمثل إمكاناتك، بل يمثل من وضع الشرط. والثقافة أمام الشرط/ الشروط، حراسة وخفارة من نوع آخر، ومثل تلك الحراسة/ الخفارة تريد القول بعدم قدرة تلك الثقافة على حماية نفسها، وحماية المحيط الذي تتحرك فيه، وتريد أن تقول بعدم رشدها، ولن تفيء الى ذلك الرشد إلا بانتهاجها الضوابط، والضوابط ضمن هذا السياق تفرعات وتفصيلات لا حدود لها للشرط.
والثقافة بعيدا عن الشرط، يتاح لها الدخول إلى أمكنة ومساحات تعمد إلى خلخلة بنيتها الثابتة والمستقرة، وتعمل أدواتها في التفكيك أولا، وإعادة البناء ثانيا، فيما هي أمام الشرط تسهم في تعميق حال الثبات والمراوحة. وبالنسبة إلى المثقف يمكن القول، انه في احتياله على الشرط/الشروط، لن يحرز إلا المؤقت من النتائج، وذلك المؤقت معرض للتلاشي السريع مع بروز حزم جديدة من الشروط بفعل احتيال آخر تمارسه السلطة، ولتتحول المسألة إلى تحايل يحرز المؤقت، مقابل احتيال يحرز ترسيخا لتأبيد الشروط وتناسلها.
لقد بات واحدا من منابع المراجعة التي عانت - ولا تزال - من حال "الزمنة" في تأجيلها، هو الوقوف بل وتبلور موقف في مواجهة تعددية الشروط أولا، ومحاولة ترسيخ ثقافة واحدة، ثقافة قائمة ومرتكزة على ما يراد قوله والتصريح به وإشاعته، ومتى ما استمرت نسقية إتاحة "الفضاء" للشرط، وحجبه عن الثقافة، يصبح الحديث عن "المراجعة"، تأويلا وممارسة أخرى لحال من "التراجع"
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ