كثيرا ما يتساءل الفرد منا عن الغاية التي يمكن أن تحط عندها رحال الإنسان. وعن الهدف الذي يمكن أن يجمع جميع الأهداف الصغيرة التي نسعى إلى تحقيقها في وجودنا الصغير. إذ أن هذه الأسئلة مشروعة للإنسان ولم تخرج يوما عن اطار تفكيره. فالإنسان في بحث دائم عن ماهية الحياة وعن شكل وجوده على هذه الأرض.

ولكن في الوقت الذي نجد فيه قلة أو ندرة من الناس استطاعت أن تترجم أسئلتها هذه إلى ما يشبه النهر حينما يصب في الشط. وحققت بذلك حقيقة وجودها فاستطاعت أن تخرج بشيء كبير ربما تمثل أحيانا في فكرة عظيمة أو حركة جهادية كبيرة أو إصلاح اجتماعي عظيم أو تربية نشأية راسخة.

نجد على الطرف الآخر من خرج من تلك الأسئلة إلى ما يشبه الهوس والسباحة وسط التيار من دون التعلق بشيء ما. فهي - أي تلك النفوس- لم تستطع أن تطور تلك الأسئلة إلى بحث مجد عن حقيقة الإنسان وانما اكتفت بأسئلة نظرية تمكنت منها وأحالتها إلى ما يشبه الثوب الممزق ما ان حاولت أن تضفي عليه رقعة جديدة اهترأت جوانب أخرى منه والسبب أن الثوب نفسه لم يعد مناسبا ليرتديه الناس. كالعقل الذي ضل بصاحبه فلم يعد قادرا على استلهام أية فكرة أو معتقد محدد.

وتلك إشكال عظيمة لم تبرح تشغل الفكر الإنساني منذ أن أصبح قادرا على التفكير، السؤال بشأنها، فاما أن يحدد للإنسان منطقة في تفكيره يتحرك من خلالها واما أن يجعل تفكيره يأخذ به إلى مناطق شاسعة لا يستقر فيها لحظات حتى يعاود الترحال إلى مناطق أخرى. فهي في قلق دائم وشعور بالانهزام لا حدود له بحثا عن منطقة آمنة تسكن اليها ولكن متى تستطيع ايجادها؟