اندلعت موجة من العنف والتظاهرات في الشرق الأقصى من آسيا شملت اليابان وكوريا الجنوبية والصين وتواصلت على مدى الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن تستمر حتى الأسابيع المقبلة إثر خطوة أقدمت عليها طوكيو بتعديل معظم مناهج التاريخ الثمانية في المرحلة الثانوية وخصوصا مجرى حوادث الفضائح التي ارتكبتها إبان الحرب العالمية الثانية وإسقاطها ملايين الضحايا في العام 1945 ومذبحة نانكين.

اعتبرت الصين تلك الخطوة استفزازية صارخة ومثيرة إلى حد ربما يصل للحرب، وقالت إن الكتاب يتغاضى عن الفظائع التي ارتكبتها اليابان ولاسيما عدم استخدام كلمة "اجتياح" في وصف الاستعمار الياباني، واعتبار مذبحة نانكين التي قتل خلالها الجيش الياباني 300 ألف جندي ومدني صيني في 1937 مجرد "حادث".

ووجدت أن هذا التشويه المتعمد للحقائق التاريخية يحول دون فهم صحيح من الأجيال الشابة لماضي بلادهم، ويسهم في تسميم أفكار النشء على خلفية تلك المحاولات المستميتة لتبرير وتمجيد التاريخ العسكري الياباني. ثارت الصين واحتجت بتظاهرات حاشدة يقودها الضحايا الذين قمعوا إبان الحرب اليابانية، الشكوى امتدت إلى كوريا الجنوبية أيضا، إذ اندلعت فيها مسيرات غاضبة بسبب سرد حقيقة تقول في نص الكتاب المدرسي إن كوريا الجنوبية "تحتل بصفة غير قانونية" جزيرة متنازعا عليها في بحر اليابان، مع العلم أن النزاع بشأن الجزيرة يختلف فيما بينهما حتى في التسمية، إذ يطلق عليها اسم "توكتو" في كوريا و"تاكيشيما" في اليابان.

في المقابل نجد ان مناهج الدول العربية ستخضع في المستقبل القريب العاجل لعملية تعرية شديدة بذريعة التماشي مع موجة الإصلاح التي انطلقت بوادرها منذ هجمات سبتمبر/ أيلول، وتبنتها أميركا في مبادرة "الشرق الأوسط الكبير" لبث رياح الإصلاح الفكري والديمقراطي، وفرض نظم وأدوات في صوغ مناهج جديدة بغية إدخال حركة تغيير جذري في المقررات التي تزعم انها محط لـ "تفريخ" الإرهاب. في الحادثين توجد نقاط تشابه في التغيير، ولكن الاختلاف هو في طريقه رجع الصدى أو ردة الفعل بين العالم الشرق آسيوي والعالم الشرق أوسطي