ذلك مثل قالته الذاكرة البحرينية وإن كنت أظن أنه مثل له امتداداته على العالم العربي أجمع، إذ إنها أمثال تقترب من حياة الناس وهمومهم ومشاغلهم فتكون صادقة في تعبيرها وإيحاءاتها. وهذا المثل هو أحد هذه التعبيرات التي تحكي عن الزواج وما يترتب عليه من مسئوليات فهو إذا حال إنسانية حية في كل مكان.
غير أن ما يميز خصوصية هذا المثل هو التقاؤه بالعقلية العربية وخصوصا في الخليج العربي. فلا يمكن مقارنة تقاليد الزواج وتبعاتها هنا بتقاليد الزواج في الدول الغربية مثلا. إذ إن الأولى تحكي عن رغبة عارمة في الظهور والمباهاة والصرف بلا حساب بينما تحكي الثانية البساطة وتقليل المصروفات ما أمكن. وكأن الإنسان الخليجي ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر حتى يظهر للناس مكانته وسمو أصله الذي هو المال. لكن الأمر الغريب هنا هو أن المباهاة وحب الظهور في الزواج تسربا إلى عقول الناس البسطاء أنفسهم، فلم تعد المسألة بالنسبة إليهم مسألة زواج وستر وإنما هي مسألة حضور وتجمع ودلع... لا مزيد. وإلا فبماذا نفسر ذلك الانفعال الغريب والركض والارتماء على المظاهر الفارغة. ففلانة زواجها في الصالة تلك وفلانة في الفندق ذاك بينما قامت تلك بدعوة الناس كل الناس في مختلف الأصقاع في البحرين؟
فهل يدرك الزوجان وأهلوهم حجم المشكلات والبلايا التي تقع على من يحبونهم حينما يصران على استنفار قواتهم وأموالهم في تلك المقاتل على صواني الرز واللحم وسط كومة كبيرة من النساء في مشهد تخال معه كأنك تنظر إلى استعدادات مكثفة لمعركة ستدور اليوم بين النساء فكل في أهبة الاستعداد؟ ولكن عجبك بعد ذلك يزداد حينما تجد أن المعركة دارت رحاها على قطع من اللحم وسيل من الرز. لتقول المثل الدارج الزواج لاثنين و"الغربال" لألفين!
جعفر الديري
العدد 953 - الجمعة 15 أبريل 2005م الموافق 06 ربيع الاول 1426هـ