اتسم الأسبوع الجاري بسياسة دولية فيها كثير من التناقضات تجاه قضايا الأمة. ففي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون للولايات المتحدة، طالعتنا وسائل الإعلام بأن الرئيس الأميركي جورج بوش حذر شارون من مواصلة النشاط الاستيطاني ولكن الواقع غير ذلك إذ تعهد بوش لشارون بالاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في أي اتفاق سلام مستقبلي. إن مثل هذا التعهد يناقض الموقف الأميركي نفسه من خطة السلام المعروفة بـ "خريطة الطريق". وهناك تناقض آخر رافق زيارة وزير الدولة العبرية سلفان شالوم إلى مصر ودعوته لإطلاق خطة طريق جديدة لتحسين العلاقات الإسرائيلية العربية، وطلبه من الرئيس حسني مبارك بذل الجهود لتشجيع الاتجاهات المعتدلة الفلسطينية ووضع عملية السلام في أيدي المعتدلين بدلا من المتطرفين، على حد تعبيره. لكن السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى ستظل القاهرة تساير المرئيات الإسرائيلية في وقت تنتهج فيه تل أبيب سياسة مناقضة لتعهداتها في مؤتمرات شرم الشيخ. أليس من حق مصر الاعتذار بأنها لن تستطيع أن تلعب دورا بناء لا يحترم من قبل "إسرائيل" حينما يهدم أي تقدم يتم إحرازه.

وهناك صورة أخرى للتناقضات السياسية تتجلى في زيارة وزير الخارجية الأميركي دونالد رامسفيلد لبغداد ودعوته الحكومة الجديدة إلى تجنب القيام بعمليات تطهير للبعثيين داخل قوى الأمن حتى لا تغذى المقاومة بكوادر جديدة من العاطلين، وهذا طبعا يناقض توجه الحكومة المرتقبة التي تعهدت باجتثاث عناصر البعث الذين يشكلون تهديدا للأمن. كذلك طلب رامسفيلد من رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري عدم المحاباة في توزيع الحقائب وهو شيء يناقض المشاورات التي تركزت على المجاملة وبالتالي الوصول إلى حكومة وحدة ربما تكون ضعيفة تجاه مشكلات العراق الشائكة.

وأخيرا تعهدت الدول المانحة بدفع نحو 4,5 مليارات دولار كمساعدة لإعمار جنوب السودان في وقت لم تلتزم فيه تلك الدول بدفع تعهداتها لإعمار أفغانستان والعراق وتيمور الشرقية وغيرها كما توجد حال عداء بينها وبين حكومة الخرطوم بشأن محكمة العدل الدولية واشتراط بعضها الوفاء بحدوث تقدم في الوضع بدارفور. إذا كيف يستقيم أمر العالم العربي مع هذه التناقضات؟