ذكر تقرير تحليلي لبيت الاستثمار العالمي "غلوبل" أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي أحرزت تقدما خلال شهر مارس/ آذار الماضي، إذ حققت 5 أسواق من أصل 6 مكاسب مزدوجة خلال الشهر. واحتلت الإمارات صدارة السوق الإقليمية بمكاسب شهرية ضخمة بلغت 31,54 في المئة، تلتها قطر مسجلة مكاسب شهرية بلغت 18,29 في المئة خلال مارس. إلا أن الصدارة كانت من نصيب السوق القطرية من حيث النمو السنوي المحقق حتى نهاية الربع الأول من العام 2005 إذ تم تسجيل نمو بلغ معدله 71,7 في المئة حتى وقتنا الحالي.
وذكر التقرير أن نتائج الشركات القوية التي تزامنت مع اتساع الأنشطة وارتفاع مستوى الثقة لدى المستهلك في الإقليم أدت إلى دفع الأسواق والمؤشرات إلى أقصى ارتفاع لها. وأرجع التقرير الارتفاع الاستثنائي إلى السلطات التنظيمية في الإقليم التي جعلت الأسواق أكثر انفتاحا وأكثر تشجيعا للمستثمر من خلال الكثير من الإصلاحات والتعديلات للنظم الحالية لسوق المال.
وأشار التقرير إلى أن التدافع الحالي سيواصل استمراره بفضل الظروف القوية للاقتصادات العامة في الإقليم، السيولة الوفيرة وتحسن أسس الشركات. إلا أنه في حال حدوث تصحيح قصير الأجل، وهو أمر طبيعي، يجب ألا ينتاب المستثمرون القلق إذ تتدافع الأسواق نتيجة تيارات قوية من الأسس الإيجابية وتحسن التوجهات داخل الأسواق.
وقال التقرير إن الأسواق تقتفي مسار نمو الأرباح في نهاية الأمر على المدى الطويل وفي الفترات الأقصر تتغلب العوامل النفسية للمستثمر على القواعد الأساسية. في الوقت الحاضر، وبعد أربع سنوات من المكاسب القوية، قد يتوقع المستثمرون اهتزاز السوق بقوة. وهناك سؤال يطرح نفسه، هل ما يساور المستثمرين مجرد شكوك؟ إذ تحدث فقاعة وهمية لسوق المال عندما ترتفع قيمة الأسهم بشكل مبالغ فيه، نتيجة اجتياح موجة من حماسة المستثمرين مع تغاضيهم عن الأسس الجوهرية للسوق. أما الآن، فعلى رغم ارتفاع هذه الموجة العامة من الحماس عبر الإقليم فإن الأرباح، وهي أبسط المبادئ الأولية، ترشدنا إلى أن الأسس أيضا تندفع إلى مستويات عالية. ونسلط الأضواء على الربحية انطلاقا من اعتقادنا بأن الإقليم في مجمله ليس مقوما بأعلى من قيمته، على رغم أن بعض الأسواق الفردية بلا شك فيها مبالغة.
وذكر التقرير أنه بعد انقشاع آثار إعلان نتائج نهاية العام أصبح بالإمكان التوصل إلى منظور أوضح لفحوى فقاعة السوق. إذ شهد الإقليم في مجمله نموا في الأرباح خلال العام بمعدل 40,5 في المئة، في حين سجلت القيمة السوقية المعدلة نموا مرجحا على أساس وزني بلغ معدله 65,2 في المئة خلال العام .2004 ويعني ذلك أن المكاسب المرتفعة التي حققتها أسواق الأوراق المالية جاءت مصاحبة لنمو قوي في الربحية وتوازن التقييمات، ما أبقى الأمور في نصابها بشكل عام. كذلك شجعت الأرباح التي فاقت التوقعات على المزيد من الاستثمار وارتفاع التقييمات في أسواق الأوراق المالية. ولا يعني هذا أن التقييمات حاليا غير مبالغ فيها لبعض أسواق الأوراق المالية، مثل قطر والإمارات والسعودية التي شهدت الكثير من المضاربات واستمرت قوة الأسواق الدافعة هي المحرك الرئيسي لتحقيق المكاسب. إلا أن نمو الأرباح سيعمل على تلطيف حدة الموقف إلى حد ما كما سيقوم بتخفيف حال التدهور إن حدثت.
وبتحليل الربحية الإقليمية وفقا للقطاعات، يتضح أن كل الصناعات على مستوى الإقليم سجلت معدل نمو مزدوج في أرباحها متمتعة بالارتفاع القياسي لأسعار النفط وارتفاع حجم الطلب على جميع المستويات الاقتصادية. وتمكنت شركات الاستثمار من الاستفادة من التوجهات المتفائلة للسوق لتقوية إيراداتها، بما تتضمنه من إيرادات الاستثمار، العمولات ورسوم الخدمات الاستشارية الناتجة عن عمليات الطرح والرسوم الإدارية. ونعتقد أن الشركات الاستثمارية استفادت كثيرا من المكاسب الوفيرة في الأسواق الإقليمية خلال السنوات القليلة الماضية، محققة أرباحا من ارتفاع جميع بنود الأصول تقريبا. وقد حظيت الشركات الاستثمارية الإماراتية والبحرينية بالتقدم في هذا المجال، إذ حققت شركات الاستثمار الإماراتية 212 في المئة نموا إجماليا، في حين حققت الشركات البحرينية 221 في المئة.
وقال التقرير: على رغم احتمال وقوع بعض المخاطر التي تؤثر سلبا على أسواق المال الإقليمية، وفي ظل توقع حدوث بعض الصدمات بأي شكل من الأشكال، والتي قد تتمثل بصفة أساسية في انخفاض حاد في أسعار النفط، تحويل السيولة النقدية إلى الأسواق الدولية، الفشل في الاستفادة من برامج الإصلاح وأخيرا ارتفاع أسعار الفائدة، فإنه تم تخفيف أثر هذه المخاطر من خلال توافر السيولة وغزارة التدفقات النقدية. يشار إلى أن هذه القائمة لا تحتوي على الربحية. وقد أعادت الاقتصادات الإقليمية بناء أسسها في ظل استخدام الحكومات للسيولة الضخمة لحفز النمو وإطلاق سيل من المشروعات التنموية ما سيعود بالفائدة على الاقتصاد ويدفعه إلى الأمام. وهكذا فإنه إذا ما استمرت الربحية المحققة خلال الربع الأول من العام على قوتها الدافعة للنمو، فستظل الأمور جيدة في الوقت الحاضر، وإلا سيعاني المستثمرون الذين اعتقدوا ببقاء الأوضاع على حالها من صدمة هائلة.
وذكر التقرير أن الصناديق الإسلامية تحصل على قوة دافعة من صناعة الخدمات المالية الإسلامية بما تتضمنه من المصارف الإسلامية، التأمين الإسلامي "التكافل" وسوق المال الإسلامي لتصبح قطاعا أساسيا له أثر متزايد على السوق المالي العالمي، إذ قام بجذب الكثير من الاهتمام كنموذج حيوي فعال في مجال الوساطة المالية. وتعتبر زيادة الوعي ونمو حجم الطلب على الاستثمار وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية الحافز الدافع لازدهار صناعة الخدمات المالية الإسلامية. ويتوقع أن تستحوذ المصارف الإسلامية على نسبة تتراوح ما بين 40 و50 في المئة من إجمالي مدخرات المسلمين على مستوى العالم خلال ثماني إلى عشر سنوات.
وقدر التقرير ودائع المصارف الإسلامية بأكثر من 202 مليار دولار على مستوى العالم بمتوسط معدل نمو يتراوح ما بين 10 و20 في المئة. في حين قدر حجم صناعة الخدمات المالية الإسلامية حاليا بنحو 300 مليار دولار، ومعدل نمو سنوي يصل من 10 إلى 15 في المئة، متأتيا من أكثر من 300 مؤسسة إسلامية داخل وخارج العالم الإسلامي. ومن المجالات الرئيسية التي توسع فيها التمويل الإسلامي بدور كبير مجال صناديق الاستثمار. هذا، وتنمو صناعة صناديق الاستثمار حاليا بمعدل 15 في المئة سنويا وقد حافظت الصناديق على هذا المعدل خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ من المتوقع أن يستمر هذا المعدل خلال السنوات العشر المقبلة. ويعد هذا انعكاسا لتزايد ثروات وقدرات المستثمرين - المسلمين وغير المسلمين - ما يمكنهم من البحث عن الاستثمار في المنتجات الاستثمارية الجديدة التي تخدم احتياجاتهم. ويعد نمو الصناديق التي تستثمر في منتجات إسلامية مؤشرا واضحا على أن ما اعتبره البعض نشاطا متخصصا أصبح الآن سوقا يمثل جزءا مهما من صناعة صناديق الاستثمار.
لقد أثبت العام 2004 أنه كان عاما ناجحا بدرجة كبيرة لأسواق الأوراق المالية في الإمارات، إذ سجل مؤشر بنك أبوظبي الوطني أعلى مكاسب بين نظرائه في الإقليم. فقد ارتفع المؤشر بنسبة 88,4 في المئة في ،2004 ليصل إلى 8,482,04 نقاط. وبدأ المؤشر العام الجديد بدوي هائل عند تسجيله مكاسب بلغت نسبتها 50,6 في المئة خلال ثلاثة أشهر فقط من العام ،2005 وهو ما يعزى أساسا إلى أسعار النفط القوية. وبغض النظر عن ذلك، نجد أن المؤشرات الاقتصادية الكلية الجيدة، وتنوع وازدهار القطاع غير النفطي والأنشطة الإيجابية بالإضافة إلى ثقة المستهلك والتي صاحبتها مستويات مرتفعة من السيولة، ساعدت في دعم التوجهات الإيجابية في الإمارات. كذلك مهد النمو القوي في السوق الثانوية الطريق أمام تقديم عروض أولية إلى مزيد من الشركات الجديدة أو الشركات المساهمة القائمة. وللاستفادة القصوى من الأوقات المواتية في السوق الإماراتية، هناك الكثير من الإصدارات في طور الإعداد.
فعلى صعيد الاقتصاد الكلي، كانت وكالات التصنيف أيضا إيجابية إذ رفعت وكالة موديز تصنيف العملة الأجنبية طويل الأجل لدولة الإمارات من A2 إلى A1 بفضل الأسس الاقتصادية القوية لدولة الإمارات وتاريخها الطويل من الاستقرار السياسي. وقد سجل الاقتصاد، الذي حقق معدلات نمو قوية على مدار السنوات القليلة الأخيرة، عاما آخر من الأداء الجيد مسجلا نموا في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 6,6 في المئة ليصل إلى 312,4 مليار درهم إماراتي في العام .2004 وفي ضوء ذلك، ارتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 72,651 درهما إماراتيا "نحو 19,795 دولارا" مقابل 59,844 درهما إماراتيا "نحو 16,305 دولارات" في .2003 وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية بين الدول العربية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بعد دولة قطر.
استمرت القيمة السوقية لدول مجلس التعاون الخليجي في الارتفاع مع بقاء القيمة السوقية للمملكة العربية السعودية أقل بقليل من الحاجز السيكولوجي الواقع عند مستوى 400 مليار دولار مسجلة 392,99 مليار دولار في نهاية مارس/ آذار من .2005 كذلك اخترقت القيمة السوقية للإمارات حاجز 100 مليار دولار لتنهي الشهر مسجلة 127,68 مليار دولار. حاليا تنافس قطر والكويت على المركز الثالث من حيث القيمة السوقية، إذ بلغت القيمة السوقية لقطر خلال مارس 91,1 مليار دولار مقابل 71,9 مليار دولار خلال الشهر السابق.
وخلال مارس ،2005 استمر العمق الإجمالي للسوق مائلا نحو الأسهم المرتفعة والبالغ عددها 256 سهما مقابل 144 سهما شهد تراجعا خلال الشهر. وقد شهدت سوق الأوراق المالية القطرية انخفاض سهمين فقط من إجمالي 30 سهما مدرجا في سوق الدوحة للأوراق المالية، وهو ما يشير إلى الاندفاع الكبير للأسهم نحو الارتفاع. كذلك شهدت كل من السوق العمانية والسوق الإماراتية نسبة مرتفعة من الأسهم المرتفعة مقابل الأسهم المتراجعة. في حين شهدت السوق السعودية تقارب نسبة الأسهم المرتفعة والمنخفضة، إلا أن مؤشر السوق حقق على رغم ذلك نموا مزدوجا، مشيرا إلى أن غالبية عمليات الشراء جاءت على أسهم المؤشر ذات الثقل الكبير
العدد 952 - الخميس 14 أبريل 2005م الموافق 05 ربيع الاول 1426هـ