العدد 951 - الأربعاء 13 أبريل 2005م الموافق 04 ربيع الاول 1426هـ

عندما تمزق أمننا الاجتماعي أمام جثتنا السياسية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

استهوتنا السياسة حتى بتنا نتنفس سياسة ولو بوعي معكوس. .. ملأ أنوفنا دخانها وتلطخت ثيابنا بوحولها وإن كان على "فشوش"، لأن هناك مجتمعات سياسية تدفع فواتير ثم تحصل على شيء، أما نحن - في العالم العربي - فالسياسة جعلتنا بلا توازن ولا رؤى واضحة تماما، مثل ذلك المصدوم بشاحنة فلا يعلم يذهب يمنة أو يسرى... أقول استهوتنا السياسة التي هي بحر من نجاسة، وأنستنا الأمن الاجتماعي المتمزق على أرصفة حواراتنا الفارغة.

ماذا لو انكشف لنا الستار عن الظواهر الاجتماعية المرعبة؟... كم من شاب فقدناه بسبب المخدرات؟... كم فتاة تباع في ليالي المزادات الحمراء؟... كم أب خطفته الخادمة الحسناء؟... كم شاب طلق "معشوقته" واستبدلها تماما كما يستبدل موبايله العتيق بموبايل آخر موضة؟!... هل هي ثقافة الـ "ستار أكاديمي" أو "سوبر ستار" الطلاق؟... علاقات غرامية فاضحة... وقاتل الله "البلوتوث" وما يعمل، لقد تحول جمع كبير من شباب اليوم على هيئة شهريار... دخلوا مخدع الغرام الكاذب ولم يخرجوا منه... وعلى أرصفة الشوارع يتم تبادل العلاقات والنظرات والأسماء... الإنترنت للمعرفة، أما عند الشهرياريين فهو لقاء عنترة بعبلة وقيس بليلى العامرية، وأصبحوا يستبدلون العلاقات كما يستبدل الشاب - ذو الشعر الكثيف والبنطال المليء بالثقوب والسلاسل كأنه حصان مازوت - حذاءه... وهكذا يلقى عذارى كالنافيات في الصحراء تنتظر الحرق وإعادة الإنتاج.

الحديث يقول: "صغاركم فراشات الجنة"... وللأسف هذه الفراشات أصبحت اليوم في متناول ذئاب بشرية... ذئب في برادة، ذئب على باب مجمع... وذئاب متستر عليهم هنا وهناك. صحيح أن عليا "ع" قال: "لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، لكن ليس معنى ذلك أن نلقيهم طلقاء بلا رقابة وبلا حسيب... أين ذهب؟ مع من جلس؟ ماذا يشاهد؟ من هم أصدقاؤه؟ الآن أصبح الحب والحصول عليه مثل الحصول على علبة الكبريت، بل أصبح رخيصا كرخص برسيم الحمار! ليس على الشاب إلا أن يضع العلف أمام ست الحسن والجمال وإذا بها في الشراك... انقلبت الموازين وأصبحت الفتيات ينصبن الشباك للشباب... إنها تعكس مهازل التربية التي ألقيت على جثتنا السياسية.

الدراسات العلمية تقول: إن أكثر الجانحين ينتمون إلى أسر مفككة... زوج ألقى زوجته المسكينة بأطفالها في الطريق تحت رحمة أنياب الجريمة والتسكع والفضيحة والفقر، لأن "قلبه الكبير" افتتن بقلب خادمته الفلبينية أو نادمته في مقهى الكوفي شوب... هذا أب تافه مثل قشرة البطيخ لا يستحق دمعة طفله التي تحطمت على رصيف الضياع... ولا شك أن يوما ما سيفاجئه الزمن بحزن كبير. والإمام علي "ع" يقول: "رب شهوة ساعة أورثت ندما طويلا". بعض الأمهات يرضعن أبناءهن الشتائم بدلا من حليب العاطفة، لذلك لا تعجب من أسر تنجب أبناء للطرقات.

الرسائل التي تصلني، كل شخص يشكو الآخر... الزوج البحريني يقول: نعاني من شحة عواطف وأساليب جديدة ذوقية في تعامل زوجتي، والزوجة البحرينية - البعض طبعا - تقول: هذا الزوج يراني أحد الإكسسوارات المحشورة في زوايا المنزل... كل يلقي اللائمة على الآخر، وخصوصا في مسألة العواطف... الصحيح أن هناك أزواجا وزوجات لا توجد في قاموسهم كلمات جميلة وإذا قالوها يوما ما ربما يصابون بالحمى. المشكلة أن جفاف الأزواج والزوجات ينعكس على الأطفال. أليس صحيحا أنه قد يرضى الأطفال بنصف أم وبربع أب، وقد لا يجدون ذلك؟

يقول الشاعر:

إن اليتيم هو الذي تلقى له

أما تخلت أو أبا مشغولا

هناك أزواج تزوجوا المقاهي، وآخرون تزوجوا الكمبيوتر، وآخرون السفر... وعندنا زوجات تزوجن الأسواق. العالم الفرنسي هربرت المهتم بسلوكيات الأطفال، يقول: "لاحظت أن الأطفال الذين يتمتعون بروح قيادية هم في معظم الأحوال أطفال من أسر متفاهمة تسودها روح الحب". أما تقرير اليونسيف فيقول: "14 مليون طفل في العالم دون الخامسة هم ضحية الجوع والمرض والخطف".

السؤال: أين أبناؤنا؟... بعضهم بين أسنان الجريمة، ونحن نائمون

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 951 - الأربعاء 13 أبريل 2005م الموافق 04 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً