دعت جمعيات وناشطون شباب وزارة التربية والتعليم إلى الترشيد في استخدام إجراءاتها التأديبية ضد الطلبة المتورطين في أعمال التخريب التي طالت الممتلكات في بعض المدارس الحكومية، وألاّ يصل الأمر إلى الحرمان النهائي من الدراسة، على اعتبار أن الدستور والمواثيق الدولية تكفل للطفل ما دون الـ 18 عاما حق التعلم.

وشدد المتحدثون على رفضهم لجميع أساليب العنف والتخريب، مؤكدين أن هذا النهج من شأنه الإضرار بالعملية التعليمية التي يجب أن تسير من دون توقف.

وفي هذا الشأن، قال رئيس جمعية أطفال وشباب المستقبل صباح الزياني: «يجب اتخاذ إجراءات عقابية ضد أي طالب ارتكب فعلا مخالفا ومضرا بالآخرين، سواء أكان ذلك في منزله أم في المدرسة، لذلك أعتقد وزارة التربية من خلال البيان الذي أصدرته الخميس الماضي، كانت تسعى إلى تشديد العقوبات للسيطرة على الانفلات الحاصل في المدارس».

وأضاف الزياني «نحن ضد اتخاذ أية عقوبات قد تؤدي إلى التأثير على مستقبل الطالب التعليمي، ولكننا مع معاقبة أي فرد يتعرض للممتلكات العامة بالتخريب والتلف، لأن هذا التصرف يتضرر منه الجميع بلا استثناء، ووزارة التربية والتعليم معنية في المقام الأول بتربية الطلبة وتصحيح سلوكهم وتقويم تصرفاتهم، ومن ثم تعليمهم وتدريسهم».

ودعا رئيس «أطفال وشباب المستقبل» إلى «الضرب بيد من حديد للحفاظ على القانون والنظام، ولكن من دون الإضرار بمستقبل الطالب، فمن الممكن فصله مؤقتا وليس بشكل نهائي، حتى لا يكون ناقما على المجتمع فيتحول إلى مسلك منحرف يعود بعواقب سيئة على المجتمع».

من جهته، أوضح الناشط الشبابي محمد عبدالعال أنه «استنادا إلى اتفاقية حقوق الطفل التي وقعتها البحرين في العام 1991، نرفض مثل تلويح وزارة التربية بفصل الطلبة لأنه يسيء إلى سمعة البحرين خارجيا ودوليا، فمن حق كل طفل لم يتجاوز 18 عاما التعلم، وإذا كانت هناك حقوق للمواطن فعلى السلطة الحفاظ عليها حتى وإن أخل الفرد بواجباته».

وتابع عبدالعال «نحن لا نقبل بإتلاف الممتلكات العامة، ولو حدث هذا الأمر فعلى وزارة التربية ألاّ تعالج الخطأ بالخطأ بل باتخاذ الإجراءات الصحيحة وعدم حرمان الفرد من التعلم حتى وإن أخل بواجباته، وكلنا أمل بسعة صدر وزير التربية والتعليم واستدراكه لهذا البيان حتى نكون في دولة شعبها متعلم ومثقف، فنحن بحاجة إلى التعليم في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى، وهناك الكثير من التحديات التي لا يمكن مجابهتها إلا بالتعليم».

ورأى أن «التربية بإمكانها إعادة النظر في نوعية العقوبة، فهناك عقوبات أخف وطأة من الحرمان النهائي من التعلم الذي سيؤدي إلى زيادة الأمية والجهل في المجتمع، فعندما يتم فصل الطلبة سيكون لديهم وقت فراغ طويل، من الممكن أن ينشغلوا فيه بأعمال العنف وبالتالي سيزداد الوضع الأمني المتدهور سوءا، وباعتقادي الشخصي أن ما أدى لانتقال الحوادث الأمنية من الشارع إلى المدارس، هو المعالجة الخاطئة من قبل وزارة الداخلية للوضع في المناطق، ونحذر في هذا الجانب من استمرار تلك المعالجة حتى لا تتسع دائرة الأزمة».

إلى ذلك، لفت رئيس جمعية الشبيبة البحرينية حسين العريبي إلى أن «البحرين تمر اليوم بأزمة سياسية يوظف فيها الشارع والمدارس ويستغل فيها الأمن العام للبلد، والسجن أو تفريق المظاهرات ليس حلا بل الاتجاه إلى صلب المشكلة التي هي في الأساس سياسية (...)، نحن ضد استغلال الشباب القاصر في مشروعات التأزيم، وفي الوقت ذاته لسنا ضد تعبير الناس عن حقوقهم على الصعيد الطلابي أو السياسي أو الاقتصادي». وأشار العريبي إلى أن «الكثير من كتاب الأعمدة الصحافية لا يدركون أن قانون التجمعات هو قانون مزاجي ويمنح رئيس الأمن العام سلطة منع أي اعتصام أو تجمع تحت شعار أن المكان والزمان لا يناسبان، وهذا القانون فيه سلطة غير محددة تسمح للأمن العام بالتدخل والمنع، وبالتالي كثير من التظاهرات والاعتصامات يتم فضها».

ومن وجهة نظره فإن «الحل ليس في استخدام الشوزن لتفريق التظاهرات، ولا في فصل الطلبة المتمردين في مدارسهم، فهم جيل جديد لا يدرك عقبات الأزمة السياسية الحاصلة، وقرار كهذا سيحرمهم من حقهم الدستوري في التعليم، والانتهاء من هذه المشكلة يكمن في ما طرحته القوى الوطنية من رؤية عقلانية تتمثل في الدعوة إلى حوار وطني شامل يمثل مختلف الأطراف المعنية، من أجل تقييم حقيقي وصادق لما وصل إليه المشروع الإصلاحي في البلد، فالإجماع الوطني خلال التصويت على ميثاق العمل الوطني من الضرورة أن نعيد إحياءها هذه الأيام»