"الكلية الملكية للشرطة" في قرية "جو" فتحت أبوابها يوم أمس أمام الصحافة وأمام رؤساء المؤسسات التعليمية ومن يهمهم الأمر في بادرة تعتبر الأولى من نوعها، وتعكس الثقافة الجديدة التي تتبعها وزارة الداخلية من خلال استراتيجية تعتمد "الشراكة مع المجتمع". فالوزارة اعتمدت منهجا جديدا في التدريب يتضمن التطور التكنولوجي، والبحث الاكاديمي، وتدريس مبادئ حقوق الإنسان، والاعتماد على تشكيلة جديدة تضاف الى قوى الأمن العام يطلق عليها "شرطة المجتمع".
حاليا، توجد في البحرين 8 مديريات للأمن العام، وخلال هذا العام ستتحول إلى 5 مديريات، كل واحدة مرتبطة باحتياجات محافظة من المحافظات الخمس. ومع مطلع هذا الشهر اكتمل تدريب 191 كادرا جديدا للخدمة في "شرطة المجتمع"، وهي كوادر ستكون تابعة للمحافظات، و"الشرطي" سيكون واحدا من أبناء القرية، أو أبناء الحي الذين يسهل الاتصال بهم من قبل الناس للحفاظ على الأمن الاجتماعي.
"شرطة المجتمع" ليست شرطة سرية وليست شرطة سياسية، وبالتالي فإنهم لا يعملون مخبرين من أجل هدف سياسي يستهدف القمع كما هي الصورة المطروحة لدى كثير من الناس بسبب مخلفات سنوات قانون أمن الدولة.
وباختصار، فإن "شرطة المجتمع" هي مجموعة من أبناء المنطقة الجاهزين للخدمة على مدار 24 ساعة، وهؤلاء سيكونون من المعروفين بأخلاقهم ومن الذين تم تدريبهم بصورة محترمة "أكاديميا وعسكريا"، وبالتالي فإنهم جزء من التركيبة الجديدة لقوى الأمن العام التي يقع على عاتقها حفظ الأمن العام من دون الإخلال بحقوق المواطنين.
التقرير السنوي الصادر عن الخارجية الاميركية بشأن حقوق الإنسان أشار في مطلع هذا العام إلى المبادرة التي قامت بها وزارة الداخلية العام الماضي لتدريب الضباط على مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
رئيس الأمن العام اللواء الركن عبداللطيف بن راشد الزياني شرح الرؤية المستقبلية لقوات الأمن العام على أساس التطوير والتحديث، ومشاركة المجتمع في ضبط الأمن على أساس حقوق الإنسان. وهذا يتطلب سرعة الاستجابة والفاعلية والشفافية والمحاسبة والمعاملة الإنسانية وشراكة الآخرين. كما يتطلب توفير قوة كافية لإدارة الأزمات ومكافحة ظواهر الإرهاب وأسباب الجرائم، وهي طموحات كبيرة وخصوصا مع الأخذ في الاعتبار طبيعة التطور السياسي في البحرين.
وهكذا كنت مع غيري من الصحافة ومديري المدارس يوم أمس في ضيافة كلية الشرطة، التي عرضت المواد التعليمية التي تتضمن المواد الحقوقية وعلم النفس وعلم الادارة بالاضافة الى العلوم الامنية بمستوى الجامعات المعتمدة. وقد بدأ رئيس الامن العام استعراضها بـ "التحية العسكرية" للسلك التعليمي وبقية الضيوف، معتبرا ان "العلم" يسبق "الانضباط العسكري"، وبذلك تتحول الشرطة الى شريك للمجتمع بدلا من القمع أو التجسس على الناس... وبعد ذلك استعرضت مجموعات من الشباب البحريني من الجنسين عروضا توضح مستوى الاستعداد لديهم بعد شهور من التدريب الاكاديمي والبدني. والشيء الجميل "والجديد" انهم جميعم من البحرينيين من مختلف فئات المجتمع البحريني، ويمثلون رؤية جديدة منفتحة على واقع جديد ومختلف عن السابق.
الأهداف التي تطرحها القيادة الجديدة لوزارة الداخلية تستحق المساندة لأنها مبادرات نوعية تهدف الى تحويل واقع وصورة رجل الأمن من "القمع" وانتهاك الحقوق، إلى الاحترام المتبادل القائم على حفظ الحقوق.
إنها ثقافة جديدة ستتطلب أخلاقيات جديدة في التعامل. فمن يدخل شرطة المجتمع ستكون عليه التزامات، وأهمها عدم النشاط السياسي، كما هي حال الشرطة في الدول الديمقراطية المتقدمة، وهذا المطلب أساسي من أجل ضمان حيادية رجل الأمن فيما يتعلق بقضايا الشأن العام. ورجل الأمن يمكن أن يعكس الثقافة الجديدة من خلال فتح المزيد من الأبواب، وهذا سيتطلب الكثير من الجهود لإثبات صدقية النهج الجديد على أرض الواقع وهو أمر يتطلب الشراكة مع المجتمع على اساس "حب الوطن أولا"
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 950 - الثلثاء 12 أبريل 2005م الموافق 03 ربيع الاول 1426هـ