وزيرة الشئون الاجتماعية فاطمة البلوشي حققت إنجازا يحسب لها - وهي في بداية عملها - من خلال أسلوبها الحكيم في التعامل مع مسيرة سترة التي نظمتها "جمعية الوفاق". إدارة "الوفاق" كذلك اتسمت بالحكمة ولم تنجر الى تصعيد الخطاب وخرجت كل من الحكومة والمعارضة بصورة مشرفة. الرموز الدينية سارعت الى "تثمين" الحل الإيجابي، ووجه السيدعبدالله الغريفي الشكر إلى الوزيرة على دورها، وبارك النتيجة الشيخ حسين النجاتي، والأهم ان الشيخ عيسى قاسم شكر جلالة الملك على توجيهاته التي أدت الى الخروج من مشكلة كان بالإمكان أن تضر الجانبين فيما لو استمع أحدهما إلى خطاب التصعيد. الشيخ عيسى قاسم دعا في خطبة الجمعة الأخيرة الى أخذ العبر مما حدث، وإلى التفكير في استخلاص الدروس منها، مؤكدا "لا ننسى أن خيرنا مشترك أو يجب أن يكون مشتركا، وأن شر الفتنة مشترك، وأن الحلول للمشكلات المعقدة لا تستعصي على عقل، ودين، وحكمة، وحسن نية، ورغبة صادقة في حوار متواصل". ودعا إلى "مزيد من الحوار، وإلى مزيد من الإصلاح، ورفع العوائق وتسهيل السبل لتوسع المشاركة واستقطابها واستيعابها، والاستفادة من كل الطاقات والقوى والمواهب والفاعليات المخلصة المنتجة في عملية بناء مشتركة رشيدة جادة واعدة". وأعتقد أن دعوة الشيخ عيسى لن تذهب سدى، فهناك من الحكومة ومن المعارضة من يود تحريك الامور بصورة إيجابية. وعندما نكرر مصطلح "الايجابية"، فإن المقصود هو اختيار الاسلوب الأفضل لمد جسور الحوار، ومن ثم اختيار المحتوى والمضمون للحوار بعد مد الجسور. فالاسلوب الحكيم ينتج نتائج إيجابية تنفع الاطراف المعنية، والاسلوب الحكيم يحفظ هيبة الدولة، ولا يضيع الحقوق التي تطالب بها المعارضة، والاسلوب الحكيم يخلق "علاقة ثقة"، بحيث يطمئن من بيده القرار السياسي الى الطرف الآخر، على ألا تكون العلاقة بـ "شروط مسبقة". إن الحوار الذي يطالب به المخلصون يجب ان يكون مفتوحا بين جميع القنوات. فاللقاءات بين وزيرة الشئون الاجتماعية ومسئولي الجمعيات قناة مهمة، والبرلمان قناة مهمة، والصحافة قناة مهمة، والأفضل قناة حوار مباشرة بين جلالة الملك "أو من يمثله" وبين من له نفوذ مباشر على الشارع المتحرك سياسيا. ينبغي علينا أن نسعى الى كل الأساليب وان نوثقها، وألا تكون بديلة عن بعضها بعضا، بل يجب ان تكون متوازية ومستمرة، لأن طبيعة الامور في زماننا معقدة وتحتاج الى فتح أكبر عدد من القنوات لكي يستطيع الجميع ايصال ما لديهم الى بعضهم الآخر. أما المحتوى والمضمون الذي يمكن مناقشته "بعد فتح الحوار بالأسلوب الصحيح" فيمكن ان يشمل القضايا التي تهم "الشأن العام"، بمختلف صنوفها، ويمكن للمتحاورين ان يحددوا أولوياتهم، وأن يتطارحوها على أساس حب الوطن وخدمة المجتمع. إن التواصل من شأنه أن يزيل الشكوك والظنون، ويمحو الشائعات والموضوعات غير الموثقة التي سممت الأجواء السياسية، وتكاد تعصف بنا بين فينة وأخرى. و"التواصل الايجابي" ربما يكون نتيجة حسنة "غير متوقعة" لمسيرة سترة، فيما لو اغتنمها من يهمه الأمر
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 947 - السبت 09 أبريل 2005م الموافق 29 صفر 1426هـ