يحزنني كثيرا أن أرى أبناءنا يلتجئون الى ثقافة الموت بدلا من ثقافة الحياة. .. يضعون أصبعهم في الكبريت الأحمر بدلا من وضعها في حبر العلم. ما هذا "القرف" السياسي؟ ما الذي يحدث لأبنائنا؟ هل هو الاحباط؟ هل هي البيروقراطية العربية؟ أم هي استفزازية الارستقراطيين... أم هي الخطب السياسية النارية التي اختطفت الجنة ووضعت مفاتيحها في يدها مبشرة أبناءنا بأن كل من يفجر مكانا فإن له مفتاحا يوصله الى الآخرة؟ هل هو بسبب التاريخ المفخخ؟ أم بسبب غياب الديمقراطية في عالمنا العربي ام بسبب الثقافة الحديثة القائمة على ان الدنيا اما أسود أو أبيض... حرامية أو عساكر... ملائكة أو شياطين... وطنيون أو عملاء... اسباب متداخلة ولكن كل ذلك ينبغي ألا يقودنا الى تبرير اي عنف، أي قتل، فضعف أية دولة عربية أمنيا يؤدي الى استقواء "إسرائيل" في المنطقة، والرجوع الى الحوار والحلول السلمية هو الحل. عقلية النظام يجب ان تغير نفسها فتدفع نحو الاصلاح الحقيقي... لابد من ديمقراطية بأنياب... ان تقليم اظافر الارهاب يكون بالانفتاح السياسي والاقتصادي وخيرا فعلت البحرين بتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع أميركا وها نحن نشهد تسارع دولنا الخليجية الى ذلك... لا نريد اقتصادا مؤدلجا مغلقا، وليس صحيحا أن كل ما يأتي من الغرب سيئ، لماذا أميركا تستفيد من دولنا ودولنا لا تستفيد منها؟ العنترية في الاقتصاد تؤدي الى ضياع كل شيء تماما كما ان المزايدات السياسية لا تفرخ لنا الا بيضا فاسدا ولهذا كل أملنا ان ينجح مشروع ولي العهد في اصلاح السوق مادام سيوفر أرضية تجارية وطنية لصالح الجميع. عودا على بدء أقول: لماذا لا نصنع التفاؤل في الجو العام، لماذا لا نزرع في شبابنا ثقافة الحياة؟ لماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين... ليس في الدنيا شيء مستحيل، ولكن على الانسان ان يأخذ الحياة بأسبابها حتى لو ضاق الوطن على الانسان فإن الله جعل له بدائل للنجاح في هذا العالم الممتد ولكن يجب ألا ييأس. لهذا نقول إن حكومة البحرين بامكانها الاستفادة من طاقات شبابنا في كثير من الاعمال الشاغرة أكانت في وزارة الكهرباء مهندسين وفنيين أو وزارة الصحة أو التربية أو البلديات أو الداخلية وعلى البحريني ان يثبت جدارته وان يكون الاقوى والنموذج على رغم كل منغصات البيروقراطية والخلل الإداري. هل تعلمون ان اليابانيين يعشقون كلمة "قامبارو" لانها تعني عندهم المثابرة والاستمرار او بذل قصارى الجهد. حتى منابرنا السياسية يجب ان تقدم إلى شبابنا حلولا وأفكارا للعمل والخروج من مأزق الاحباط. اديسون مخترع المصباح الكهربائي كان يقول: ان العبقرية هي 1 في المئة إلهام و99 في المئة عرق جبين هو نفسه الذي ظل يحاول أكثر من 10000 مرة لاكتشاف مصباحه الكهربائي. ليس كلامي انشائيا سأضرب لكم أمثلة عن أناس قسا عليهم الزمن واغلقت الابواب في وجوههم وعلى رغم ذلك حفروا أسماءهم على الصخر. البرت انشتاين لم يبدأ الكلام حتى سن 4 سنوات وبدأ تعلم القراءة في سن 7 وقال عنه مدرسوه انه لن يفلح هذا الغلام في شيء وطرد من المدرسة بعد وصفه بأنه بطيء التعلم والفهم. وعلى رغم ذلك أصر ولم ييأس وجاءنا بالنظرية النسبية. الظروف القاسية منعت العقاد من اتمام دراسته ولم يصل حتى إلى الاعدادية وعلى رغم ذلك فإن مؤلفاته ملأت الخافقين وعرض عليه لقب الدكتوراه الفخرية فقال لهم: "اعمل بيها ايه". ماركوني مخترع الراديو عندما أعلن اكتشافه حجزوه في مستشفى الامراض العقلية واتهم بالجنون ولم ييأس. المصلحون في هذه الدنيا قد يرمون ايضا بالجنون وتنصب لهم المشانق لكن يأتي زمان تقدس فيه أفكارهم ومخترعاتهم. من منا لا يقدر الآن الافغاني ومحمد عبده ومحمد اقبال والنائيني؟ يجب ان نزرع الامل في شبابنا ونمد يد العون إليهم... التجار يستطيعون تأسيس صندوق دعم للموهوبين الفقراء لاكمال دراستهم بدلا من التسابق في بناء الجوامع... البحرين مثلا مليئة الآن بالمساجد وهي خير وبركة، فلماذا لا نقوم الآن ببناء المراكز الثقافية والصحية والاجتماعية فمن احياها فقد احيا الناس جميعا. فلنفكر ايضا في الكيف وليس في الكم. اليهود في أميركا على رغم قلتهم فإن ربع المحامين والاطباء منهم وعشر الأساتذة في الجامعات منهم. فلندخل عالم الابداع فلندخل عالم التجارة وعالم الاعلام وعالم العلم. هل تعلمون ان والت ديزني افلس 5 مرات قبل بناء ديزني لاند ثم أتم مشروعه الذي در عليه مليارات الدولارات، هل تعلمون انه طرد من قبل رئيس تحرير صحيفة إذ كان محررا لصفحة واتهم بضعف الافكار؟ في العالم نماذج كثيرة لفقراء معدومين بلا قطعة خبز اصبحوا اكبر اثرياء العالم... لانهم لم ييأسوا وثابروا وجاهدوا فباركتهم الإرادة الالهية. حتى في اسفارنا السياحية يجب ان ننتقي البلد لنطلع على تجارب الآخرين لماذا لا نسافر الى ماليزيا وسنغافورة لنرى ابداعاتهم؟ هذه ليست دعاية ولكن لنعرف "الدين والتين" حتى من يرسب من أبنائنا يجب ان نعلمه النجاح هل تعلمون ان رئيس وزراء بريطانيا السابق تشرشل رسب في الصف السادس لكن لأن طموحه كبير وصل
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 946 - الجمعة 08 أبريل 2005م الموافق 28 صفر 1426هـ