هناك الكثير من القضايا الاجتماعية العالقة داخل مجتمعنا التي تبحث عن حلول على غرار القضايا السياسية الأخرى. ومناسبة الحديث عن ذلك هي الموافقة التي أعلنها مجلس النواب منذ أيام بشأن مقترح إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يبدو وكأن جميع مشكلاتنا نحن البحرينيين انحلت لينقصنا إنشاء هيئة كتلك! كيف ينادي هؤلاء النواب بذلك؟... على رغم انهم يعلمون ان أول مبادئ ودروس الديمقراطية هو احترام الحريات العامة بما فيها معتقدات وايديولوجيات وخصوصية الآخرين من عدم التمييز بين مسلم سني وآخر شيعي أو مسيحي بروتستانت "اتباع الكنيسة الانجيلية الوطنية" وغيرهم. ذكرت هؤلاء لأن تلك نماذج تمثل شرائح من مجتمعنا منذ مطلع القرن التاسع عشر وحتى اليوم ولا يمكننا فرض لون واحد وثقافة دينية معينة لانه ببساطة مجتمعنا ليس كذلك. فكل بيت بحريني يتمتع بعادات وثقافات وممارسات دينية تختلف عن الآخر، كانت ومازالت موجودة حتى اليوم ولا يمكن تجاهلها لأن تلك حقيقة وواقعا معاشا بيننا. نقول لهؤلاء النواب ممن يطالبون بسن هذا المقترح انهم حقيقة لا يعرفون تركيبة مجتمعنا البحريني أو انهم يتجاهلون هذه الحقيقة عمدا على رغم ان مجتمعنا منذ القدم عرف بتعدده الديني والمذهبي والعرقي. ليس من حق احد ان يفرض طقوسا دينية معينة ويمنع طقوسا اخرى بحسب مفهومه الخاص والشيء ذاته مع المعايير التي ستذهب اليها هذه الهيئة في حال تم انشاؤها... فالناس احرار فيما يفعلون ولناخذ العبرة من بعض دول الجوار وكيف ان هذه الهيئة تتدخل في حريات الآخرين بدءا من المظهر الى الممارسة الدينية. لا داعي لذكر القصص والتجارب التي مر ومازال يمر بها غيرنا... ان كنا بحق نبحث عن خصوصية بحرينية وحل لمشكلاتنا الاجتماعية فعلينا ان نبحث عن حلول تتناسب مع طبيعة مجتمعنا ومستوى وعيه، وليس عبر غطاء يستغل اسم الدين لصالح تطبيق ممارسات تقمع الحريات وتقتل المتنفس الذي طالما تميز به مجتمعنا عن غيره من جيران المنطقة. كلمة أخيرة للنواب... ان كان بعضهم ضد أي شيء مستورد فإن هذه الهيئة هي ايضا صنع مستورد لا محلي ونتائجها قد تخلق لنا فتنة نحن في غنى عنها في وقت نشهد فيه أزمة التطرف والغاء الرأي الآخر