بعد مماطلات استغرقت ثلاثة شهور في عرضه، نشر تقرير التنمية البشرية الثالث للعام 2004 الصادر عن المكتب الاقليمي للدول العربية في عمان لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي بمشاركة الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الانمائية. وأبرز النقاط المحورية التي دعا إليها الحكومات العربية سعيها الدؤوب في تنفيذ مضامينه حرفيا والتي تدعو إلى إصلاح جذري في كيفية التعاطي مع الشعوب بأسلوب يؤمن الشفافية من دون بلوغ حافة هول الاقتتال العربي الناجم عن العنف المسلح. وجاء الإرجاء بسبب الخلاف المصري الأميركي لما يحويه من مواد، إضافة إلى العراقيل التي شكلت نقطة تؤثر على الاستقلالية في بلورة تقييمه من دون فرض لأوامر فوقية. لاحظ التقرير أن المستقبل العربي قد يتبلور بين الضغط الخارجي الذي يمكن أن يدفع موجة من الإصلاح الداخلي، لذلك شدد على إصلاحات في كيانات رئيسية تمثل أولوية قصوى أبرزها إلغاء حال الطوارئ والقضاء على التمييز ضد الجماعات الأخرى وضمان استقلال القضاء، وحذر من أن استمرار العجز التنموي والقهر في الداخل والاستباحة من الخارج يمكن أن يفضي إلى تعميق الصراع... وقد يلجأ بعضهم إلى أشكال من الاحتجاج العنيف تتزايد معه فرص الاقتتال ما قد يؤدي إلى تداول قادم للسلطة يأتي من العنف المسلح، وحمل التقرير عنوان "نحو الحرية في الوطن العربي". في الكفة الأخرى، سرعان ما أعلنت الخارجية الأميركية رفضها لما جاء في التقرير، وإسناد صلة الاحتلال الأميركي للعراق بزيادة المعاناة الإنسانية. كذلك رفضت ما جاء بشأن انحيازها لـ "إسرائيل"، واصفة ذلك بأنه نوع من المجاملة. المسح التحليلي الذي توصلت له تلك الجماعة الانمائية شواهد تدلل على حال التراجع والثقل والغفلة التي يعيشها المواطن العربي في عقر داره بسبب تخلف أنظمة تفضل تأمين نفسها ومالها للأجنبي والخارجي على حساب المحلي الأصلي الذي هو الأكثر حرصا من غيره للحفاظ على تراب بلاده. وإلا ما معنى هذه الغفلة المستديمة؟ فهل هي طريق يمهد لدخول الأجنبي حتى إذا فات الأوان لا ينفع الندم والحرمان والتباكي على الأطلال؟
العدد 945 - الخميس 07 أبريل 2005م الموافق 27 صفر 1426هـ