حمدا لله علي سلامتك أيها الأخ العزيز الشيخ عادل المعاودة. واسمح لي بأن اخالفك القول عندما تحدثت في مجلس النواب أمس الأول عن "اتفاق التجارة الحرة" مع الولايات المتحدة، وضربت مثلا عن ذلك بالمكسيك، وكيف انها تتضرر بسبب أميركا، وهو مثل غير صحيح. فبحسب الأرقام الدولية المعتمدة حاليا فإن المكسيك بلد ينمو بصورة أفضل من جميع الدول الخليجية، وان الوضع اذا استمر على ما هو عليه فإن المكسيكيين سيكونون أفضل من ناحية مستوى المعيشة من الخليجيين خلال عقد أو عقدين من الآن. وعليه، فإن المكسيك وضعها ليس سيئا، بل انها استفادت كثيرا من اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وكندا وتحولت من بلد مثقل بالديون، وعلى حافة الهاوية قبل نحو عشر سنوات، إلى واحدة من البلدان النامية والمستمرة في النمو. اتفاق التجارة الحرة أصبح الآن هو اللغة السائدة بين جميع الدول، وتركيا تحولت خلال سنوات قليلة إلى واحدة من الدول التي تتعافى بسرعة لأن لديها تجارة أكثر تحررا مع أوروبا. وأميركا حاليا تفاوض الإمارات وعمان وغيرهما من البلدان عن التجارة الحرة والمواد المطروحة على الطاولة والتي قد تؤخر توقيع اتفاق مع عدد من الدول هي عدم وجود نقابات عمالية في تلك الدول، وضرورة تشريع قوانين مقبولة دوليا بشأن اساليب العمل والاستثمار ومحاربة تبييض الأموال واعتماد الشفافية ومكافحة الفساد وغيرها من الشروط التي تتضمنها اتفاقات التجارة الحرة بمختلف أنواعها. ثم اننا كخليجيين نأمل في سوق مشتركة في العام 2007 وهذه السوق أخذت زمنا طويلا لكي تتحقق كفكرة، وهناك احتمال انها لا تتحقق. بمعنى آخر فاننا عجزنا "ومنذ انشاء مجلس التعاون في 1981" عن انجاز أحد أهم أهداف المجلس الاقتصادية لحد الآن. وجهة النظر السعودية هي ان المفاوضات يجب ان تتم بصورة جماعية، وهي وجهة نظر فاضلة ومحترمة، ولكننا ايضا كمجلس تعاون نتحاور مع الاتحاد الأوروبي بصورة جماعية منذ العام 1988 ولم يتحقق شيء لحد الآن. وهناك وعود بأن الاتفاق قد يوقع هذا العام، ولكن اذا وقع فانه قد يحتاج إلى كثير من الجهود لتفعيله. ولهذا السبب فإن خمس دول خليجية أعلنت انها تسعى إلى توقيع اتفاقات تجارة حرة بشكل منفرد مع أميركا للاستفادة من أكبر سوق عالمية. ثم ان الاميركان لن يستفيدوا من الاتفاقات بقدر ما سنستفيد، اذ ان الناحية الاستراتيجية العسكرية موجودة على الأرض الخليجية منذ نهاية الاربعينات للقرن الماضي وهي تزداد اليوم من كل جانب وامتدت الى العراق. فالحديث عن الهيمنة فاقد لمعناه الحقيقي في ظل الظروف الواقعية. على انني اتفق مع الشيخ عادل على أن الاستقرار والتنمية والسياسة يجب ان تكون على أساس بعيد المدى وبالاشتراك مع المنظومة الخليجية، وهنا يعني ان علينا كخليجيين ان نتحرك ونخلق هذه الحال المؤسسية الجماعية ولا نرفعها كشعار فقط. فالزمن يمر أمامنا بسرعة، ونحن خارج السياق العالمي اقتصاديا وسياسيا، ويكفي ان نراجع تقرير التنافسية العربية الثاني الذي صدر عن منتدى دافوس في 2 ابريل/ نيسان الجاري وتقرير التنمية البشرية الثالث الذي صدر عن الأمم المتحدة في 5 ابريل لنتأكد من مأسوية الوضع العربي الذي لا يفهم معنى للتكامل الاقتصادي او السياسي، بل ان كل المؤسسات الدولية تقول لنا ان "قنبلة بشرية موقوتة" تنتظر الانفجار بسبب انعدام سياسات تنموية مستدامة، وبسبب انهماك كل دولة في شأنها وتركيزها على الأمن والاستقرار عبر مفهوم قديم يعتمد على سلطة الدولة المركزية، بينما العالم انتقل إلى مفهوم التعددية السياسية داخليا، والتكامل الاقتصادي المناطقي والانفتاح على عالم "معولم" أصبح كالقرية الصغيرة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 944 - الأربعاء 06 أبريل 2005م الموافق 26 صفر 1426هـ