إن أكثر ما يحز في النفس السوية أن تكون هناك فوضى قائمة لا يلتفت إليها، ولا شيء غير الصمت المطبق إزائها، والذي يعكس حال الجهل والفقر والعدم في شرعية ما يراد أن يزج به على أنه نظام قائم على أسس ومبادئ. فليس هناك محاولة فهم ولا إفهام، بل محاولات لإيجاد حال شكلية تضاف إلى الشكليات التي نعاني منها، لعلمهم أنها ستكون ممن يطولها الثناء والمباركة والتبجيل، لا لشيء سوى أنها ورقة يمكن أن تضاف إلى ملفات ضخمة لأصحاب فكر يعتقدون أنهم يؤسسون ويبنون، في الوقت الذي يشكلون الجهل والفساد بعينه. أثرت في أكثر من مرة في هذه الصحيفة ما يتعلق بموضوع التقدم لشغل منصب معلم أول في المدارس الثانوية وتداعياتها المترتبة على نظرة الوزارة لهذا الموضوع، ووجهت كما كبيرا من الأسئلة التي لم ولن نرى أي رد عليها إلا إذا تخلت الوزارة عن بعض ما تحمله من جوانب قاصرة في أصل العلاقة بين من يسأل ومن ينبغي أن يجيب، عندما يكون الرد ليس من باب التكرم ولكن لكونه واجبا له أكثر من مسوغ في أصل طرحه، فلسنا ممن يزعق ويقرع الطبول، وخطابنا ليس لمصلحة شخصية ولكن لواجب استدعى أن نؤديه. نهمس من جديد ونقول إليك يا وزارة التربية والتعليم، سبق أن أصدرت قرارا أو ما شابه ذلك باقتصار التقدم لوظيفة معلم أول علوم في المدارس الثانوية على مدرسي مادة الفيزياء، فهل طوفان هذه المهزلة التي تقول إن معلم الفيزياء "علم الطبيعة" يستطيع أن يعطي ويخدم في جميع التخصصات الأخرى كالكيمياء أو علوم الحياة "الأحياء" أو علوم الأرض "الجيولوجيا"، في الوقت الذي لا يستطيع حملة التخصصات الأخرى ذلك، هل سيؤخذ ويعمل بهذه الأضحوكة والمهزلة؟ أم يحتاج الأمر إلى من يفندها مع كونها واهية؟! هل يجب علينا أن نقول مرارا وتكرارا أن طبيعة عمل ومهمات المدرس الأول للعلوم لا تستدعي تخصصا معينا، سواء كان التخصص هو الكيمياء أو الفيزياء أو علوم الحياة "الأحياء" أو علوم الأرض "الجيولوجيا"؟ هل علينا أن نعرف الوزارة بطبيعة عمل المعلم الأول للعلوم، والتي هي في غالبيتها طبيعة إدارية لا تستدعي تخصص الفيزياء، أم اننا نحتاج إلى أن نصبر صبر أيوب لحين تكرمكم برد نعلم مسبقا أنه لا أساس له، لا لشيء سوى كون المسألة واضحة، وأن سكوت وإعراض الوزارة عن الرد عليها أو حتى توضيحها لو افترضنا فائدة التوضيح لهو أكبر رد على عدم شرعيتها؟ سنكون أكثر تفاؤلا هذه المرة علنا نحظى بتكرم من وزارة التربية والتعليم للرد والتوضيح، بعد أن خيبت ظنوننا أكثر من مرة، فنتمنى منها ألا تخيب ظننا فيها. ياسين جعفر حبيل
العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ