رفض اللجنة التشريعية في مجلس النواب مقترحا تنشئ بموجبه الحكومة هيئة وطنية عليا لحقوق الإنسان "يناقشه المجلس في جلسته اليوم"، بدعوى أنها خلصت من مناقشته إلى أن تشكيل الهيئة بصفة مستقلة لا يتحقق حين يكون قرار إنشائها صادرا عن السلطة التنفيذية، وإنما يتحقق الاستقلال بإنشائها ضمن مؤسسات المجتمع المدني باعتباره "أحرص من غيره ومن الجهات الرسمية في هذا المجال"، يوحي بالإقرار بعدم جدوى أو أهمية إنشاء الهيئة في ظل وجود مؤسسات مدنية "أكثر حرصا" على الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان، وبغض النظر عن مدى صحة الرأي أو درجة التوافق معه، فإنه يثير تساؤلا بشأن قدر منطقية ترك هيئة حقوقية في ولاية الحكومة علانية، على رغم أن بعضها قد يكون متصلا بها على نحو باطني من خلال التجميل أو التلميع. كما يثير تساؤلا آخر بشأن مدى الحاجة إلى هيئة قد تسيرها السلطة التنفيذية، وخصوصا أنه في حال مقارنة الوضع بدول أخرى خصصت وزارات لحقوق الإنسان يلحظ أن وزراء الحقوق أنفسهم يعتبرون وجود الوزارة "وضعا استثنائيا مؤقتا"، فيما الأصل عدم الحاجة إلى وجودها أساسا، ومن هؤلاء وزيرة حقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية أمة العليم السوسوة ووزير حقوق الإنسان في الجمهورية العراقية سابقا عبدالباسط تركي. إلى ذلك، فان أحد المستشارين في دائرة الشئون القانونية أوضح أن المقترح النيابي لإنشاء الهيئة الحقوقية يتطلب بحث ما إذا كان مناسبا إسناد تعزيز مباشرة الأفراد لحقوقهم إلى جهاز إداري تقوم بإنشائه الحكومة، أم الأنسب ترك مهمة تعزيز حقوق الإنسان إلى مؤسسات المجتمع المدني. وبشأن ما إذا كان المقترح ينص على أن ترتبط الهيئة بأعلى مواقع القرار السياسي لكي تؤثر عليه، بمعنى أن تتبع الهيئة الديوان الملكي، وفي حال قصد ذلك فإن الأمر يتطلب إصدار مرسوم. وأيا تكن المآخذ، يمكن تقبل ولادة الهيئة من رحم الدولة، في حال التزمت الأخيرة باتباع المعايير الخاصة لإنشاء الهيئات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وفق ما حددته الأمم المتحدة على نحو يبعدها عن نطاق سلطتها، وهو ما يفترض على مقدمي المقترح من النواب تأكيده
العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ