عقدت أمس في العاصمة البريطانية قمة مجموعة العشرين لبحث حلول ابتكارية من قبل العقول الاقتصادية وبتشجيع من قبل رؤساء حكومات وقادة الدول الكبرى لتخفيف آثار الأزمة المالية العالمية الحالية والتي دمرت حتى الآن ثروات هائلة للأفراد والمؤسسات المالية والدول بسبب ضبابية القيمة الحقيقية للأصول سواء العقارية أو في أسواق الأسهم، بل يقال إن هناك خطر أن تتحول الأزمة الراهنة الى مرحلة كساد.
في اجتماع موازٍ، عُقدت في العاصمة الألمانية (بون) وفي الفترة من 29 مارس الى 8 أبريل أولى اجتماعات العام الجاري من سلسلة مارثون مفاوضات تغير المناخ وبمشاركة أكثر من ألفي شخص من 175 دولة. الغرض من ثلاثة اجتماعات ستعقد هذا العام هو تمهيد الطريق والقيام بمناقشات علمية وسياسية للتوصل الى الخطوط العريضة التي ستؤدي إلى خريطة طريق لاتفاق عالمي حول قضية تغيرالمناخ. هذا المؤتمر الختامي سيعقد في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري في العاصمة الدنماركية (كوبنهاغن) وأهمية هذا المؤتمر الأخير نابعة من قيام الخبراء بتشريع قوانين نافذة للفترة لما بعد عام 2012 إذ إن الفترة السابقة لهذا العام قد تم الاتفاق عليها قانونيا في اتفاقية كيوتو في العام 1997.
الكاتب الأميركي توماس فريدمان وصف مجازيّا جذور هذين الأزمتين بعدم تقدير عنصر المجازفة الإنساني والذي أدى الى الإفراط من قبل البنوك الاستثمارية وغيرها في خلق الأصول المسمومة في أدوات النظام المصرفي العالمي والإفراط في الانبعاثات المسمومة في الهواء الجوي. لكن من الغريب أن يُعقد الاجتماعان المهمان في القارة الأوروبية وفي مدة زمنية متداخلة! لكن لابد أن نتساءل أي من الاجتماعين أهم؟ أو بصياغة أخرى هل الجنس البشري على هذا الكوكب ستتأثر حياته جوهريّا في الوقت الحاضر وفي المستقبل وبالتالي تؤثر سلبا على تنميته المستدامة بصورة أعظم بسبب أزمة الائتمان أم بسبب أزمة المناخ؟
من الممكن قياس الأرباح والخسائر عن طريق مؤشرات البورصات العالمية وأسعار العقارات وبالتالي فإن ضخ تريليونات من الدولارات في النظام المصرفي العالمي من قبل الحكومات لزيادة السيولة المالية بين البنوك وتسهيل القروض قد تكون إحدى الحلول الناجعة لتجاوز فترة كساد اقتصادية متوقعة.
أما بالنسبة إلى البيئة فللأسف فإنه لا توجد مؤشرات مادية شبيهة بالأسواق العالمية؛ لذلك فإن قياس الأرباح والخسارة قد تكون مأساوية للمناطق والجزر التي ستغمرها المياه، وملايين السكان قد يجبرون على الرحيل من المدن الكبرى الى مناطق آمنة مناخيّا.
لكن هل هناك ترابط وتوازن بين الأزمتين؟ الجواب صعب ولكن الأزمة المالية الراهنة قد تقدم إجابات ودوافع إيجابية قد تساهم في إيجاد زخم دولي جديد نحو بناء قاعدة للنمو العضوي المعتمد على اقتصاد مستدام وذات كربون منخفض، والعمل على زيادة كفاءة الطاقة، والاستثمار في الطاقات المتجددة والخضراء، ودعم طرق المواصلات العامة.
من المتوقع أيضا أن يتم خلق وظائف خضراء؛ فمحللي البنوك يتوقعون ان تكون نسبة المساهمة في القطاع البيئي نحو 16 في المئة من مبلغ الإنعاش في الاقتصاد العالمي والذي يقدر بنحو 2.8 تريليون دولار وبالتالي سيساهم في خفض البطالة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2402 - الجمعة 03 أبريل 2009م الموافق 07 ربيع الثاني 1430هـ