العدد 2894 - الأحد 08 أغسطس 2010م الموافق 27 شعبان 1431هـ

ماذا بعد «خنق إيران» اقتصادياً؟... نقاش في أصلِ السّؤال

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كتبت قبل أربعة أيام عن محاولة «خنق إيران» اقتصادياً. قلت حينها إن طهران ستتضرّر من العقوبات الأخيرة حتماً. ووضعت أمام تلك الخلاصة خلاصة أخرى، وهي أن الضّرر سيكون نسبياً طبقاً لمعطيات كثيرة ذكرتها في حينها. ولأن الموضوع صاحبه نقاش مستفيض تلقيّته في أكثر من مكان وموضع، فقد آثرت أن أشبِعَه أكثر بإفراد ما يُناسبه من تحليل ومعلومات، وخصوصاً أن مفاعيل تلك العقوبات باتت شاخصة في أغلب نشرات الأخبار والقراءات المصاحبة.

في الثامن عشر من شهر مايو/ أيار الماضي قدّمت الدول الكبرى مشروع فرض عقوبات على إيران. وفي التاسع من يونيو/ حزيران الماضي صَدَرَ القرار بتأييد اثني عشر عضواً هم: الاتحاد الروسي، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، أوغندا، غابون، نيجيريا، اليابان، البوسنة والهرسك، المكسيك، النمسا. ومعارضة اثنين هما تركيا والبرازيل، وامتناع واحد هو لبنان. وقد تلى صدور القرار، قرارات مماثلة لكنها أحاديّة الجانب تَسَرَّجتها الولايات المتحدة الأميركية وكندا والاتحاد الأوروبي وأستراليا.

ومنذ صدور القرار ولغاية اليوم (الإثنين) يكون عُمره «الزّمني» قد أتمّ الشهرين بالتَّمام. لكن الأهم من تلك المعادلة الحسابية الزّمنية، هي معادلة القرار «الفعليّة» وعُمره الحقيقي على الأرض وليس الورق. فحين يصدر القرار يلتزم به عَرَّابُوه، ويتخفّف منه مُخَالِفوه، ويتورّط في أمره مَنْ لا ناقة لهم في معركته ولا جَمَل. ليبدأ سِجال التنفيذ، ما بين «حقيقته» و»نِسْبيّته» وبالتالي تأثير كلّ ذلك على قيمته الختاميّة.

دعونا نُفكّك القرار المُزدَوَج كالتالي: هناك نوعان من القرارات التي صَدَرَت مؤخراً بحق إيران بسبب برنامجها النووي. الأوّل «أممي» يلتزم به الأعضاء. والثاني «أحادي» يلتزم به من تبنَّوْه. فيما خصّ الأول، فإنه وبالرجوع إلى متن النص للقرار الأممي (والذي يُمكن مراجعته حرفياً) نلحَظ تركيزه على النواحي التالية:

1 - الحاجة إلى اتّخاذ الحذر إزاء المعاملات التي تشمل بنوكاً إيرانيّة، من بينها البنك المركزي الإيراني، من ناحية تفادي إسهام معاملات كهذه في النشاطات الحسّاسة المرتبطة بالانتشار النوويّ، أو في تطوير أنظمة نقل للأسلحة النوويّة.

2 - على كل الدول (ضمن سلطتها القضائية) منع إيران أو رعاياها والهيئات المسجلة فيها أو من قبل الأشخاص أو الهيئات العاملة بالنيابة عنها من الاستثمار في أي نشاط تجاري ينطوي على استخراج اليورانيوم أو إنتاج أو استعمال المواد النووية والتكنولوجية وخصوصاً نشاطات تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة وكل النشاطات المتصلة بالماء الثقيل أو التكنولوجيا المتصلة بالصواريخ الباليستية القادرة على نقل أسلحة نووية.

3 - على كل الدول الحيلولة دون توريد أو بيع أو نقل سواء مباشرة أو غير مباشرة إلى إيران، أي دبابات قتالية أو مركبات قتال مصفحة أو أنظمة مدفعية ذات عيار كبير أو طائرات مقاتلة أو طائرات مروحية هجومية أو سفن حربية أو قذائف أو منظومات قذائف كما هو منصوص عليه في سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية أو المواد ذات الصلة بما فيها قطع الغيار، وبأي نوع من التدريب التقني، أو الموارد أو الخدمات المالية أو الاستشارة، أو غيرها من الخدمات أو المساعدة في ما يتصل بتوريد أو بيع أو نقل أو تزويد أو صنع أو صيانة أو استخدام هذه الأسلحة أو المواد ذات الصلة.

4 - من الضروري أن تتّخذ جميع الدول كل الإجراءات الضرورية لتتجنّب دخول أراضيها أو عبورها من طريق الترانزيت أي فرد موصوف في الملحق 1 (والملاحق السابقة) والهيئات المُدرجة، وفي الملحق 2 فيما خصّ الأفراد والهيئات المنتسبة إلى جيش حراس الثورة الإسلامية.

5 - تقوم الدول بتفتيش جميع الشحنات الداخلة إيران والخارجة في حال كانت الدولة المعنية تملك معلومات تعطيها الحجج المنطقية اللازمة لتعتقد أن الشحنات تضم سلعاً يُعتبَر توريدها أو بيعها أو تصديرها محظوراً. وفرض حظر على مواطنيها أو أراضيها، في حال زوّدت السفن التي تملكها إيران أو تستأجرها، في حال كانت تستند إلى معلومات توفّر أسساً منطقية كافية تدعو إلى التفكير بأنّ السفن محملةٌ بمواد يُمنع إمدادها أو بيعها أو نقلها أو تصديرها.

6 - يدعو (القرار) كل الدول، إلى تجنّب تقديم خدمات مالية، ومن ضمنها التأمين وإعادة التأمين، أو نقل أي أصول مالية أو أصول أخرى أو موارد إلى/ أو عبر أو انطلاقاً من أراضيها/ أو إلى/ أو من قِبل مواطنيها أو الكيانات الخاضعة لقوانينها، إذا توافرت لديها معلومات تشكّل منطلقاً منطقياً للاعتقاد بأن هذه الخدمات أو الأصول أو الموارد قد تساهم في نشاطات إيران الحساسة المرتبطة بالانتشار النووي أو تطوير منظومات نقل السلاح النووي.

7 - يدعو (القرار) الدول إلى اتخاذ التدابير المناسبة التي من شأنها أن تمنع في أراضيها افتتاح الفروع الجديدة أو المكاتب التمثيلية للمصارف الإيرانية أو الشركات التابعة لها، وتحظر على هذه المصارف تأسيس أي مشروع مشترك أو اتخاذ حصّة في المصارف أو إقامة علاقات أو القيام بمراسلات مع المصارف ضمن ولايتها لتجنّب تقديم خدمات مالية، وذلك، إذا توافرت لديها معلومات تشكّل منطلقاً منطقياً للاعتقاد بأن هذه الأعمال قد تساهم في نشاطات إيران الحساسة المرتبطة بالانتشار النووي، أو تطوير منظومات لنقل السلاح النووي.

8 - يدعو الدول إلى اتخاذ التدابير المناسبة التي من شأنها أن تمنع في أراضيها افتتاح الفروع الجديدة أو المكاتب التمثيلية للمصارف الإيرانية أو الشركات التابعة لها، ويحظر على هذه المصارف تأسيس أي مشروع مشترك أو اتخاذ حصّة في المصارف أو إقامة علاقات أو القيام بمراسلات مع المصارف ضمن ولايتها لتجنّب تقديم خدمات مالية، وذلك، إذا توافرت لديها معلومات تشكّل منطلقاً منطقياً للاعتقاد بأن هذه الأعمال قد تساهم في نشاطات إيران الحساسة المرتبطة بالانتشار النووي، أو تطوير منظومات لنقل السلاح النووي.

هذه أبرز النقاط التي وردت في القرار «الأممي». وبالرجوع إلى نصوصها، يُلحَظ أمر مهم في قَفْلَة الشروط الخاصة بها، وهي «شَرْطِيَّة» البند بكلمة «إذا توافرت» وهو ما يزيد من «نِسْبِيّة» التطبيق على الأرض، لارتباط الموضوع بالجانب الاستخباراتي البيروقراطي. وفي هذه الحالة فإن الجانب «المدني» من المعاملات الإيرانية مع الخارج ستكون في مأمن تجاري، لأن الأكيد واللازم هو أن الإيرانيين لن يلجأوا إلى معاملاتهم «المحظورة» عبر وسائل طبيعية.

وقد لوحظ خلال الأيام الثلاثة الماضية حجم التصريحات والمواقف التي أبدتها دول مختلفة تتعلق بمصير علاقاتها التجارية مع إيران، كالموقف الكوري الجنوبي، ومواقف الصين وروسيا وسلطنة عُمان وفنزويلا وكمبوديا وغيرها من البُلدان. وهي جميعها مواقف تُبتنى على «سلمية» الجانب التجاري بينها وبين إيران، والذي يستند في نهايته على طريقة صياغة القرار الأممي، الذي أشبِعت فقراته بـ «شَرطِيّة» التنفيذ، ليبقى الحديث عن مدى الالتزام بالجانب التالي للقرار المزدوج والذي تصدّرته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا (وللحديث صلة).

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2894 - الأحد 08 أغسطس 2010م الموافق 27 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 5:38 م

      الى الكاتب المحترم...أبو عيسى

      إلا أنـــهــم قــد مـــروا عـــلــى عــمـــودك لــهـــذا الــيــــوم فـــســـائـــهــم مــــا كـتــبـــت فـــمـــا استــطــــاعوا الــتــنتــفتــيـــس عـــن غـــيــظــهـــم وحـــنـــقـــهــم عــلـــيــــك وعــلــى الأخ الـــ‘زيز ولــــــ المحرق ـــــــــد إلا مـــن خــلال الـــدخــــول والــتـــعـــلــيــق بــتـــعــلـــيــقــات مــضـــحـــكة ومـــهـــزوزة
      مــكــتوبٌ فــي ذيـــلــهـــا كــلــمـــة زائــر

    • زائر 8 | 5:35 م

      الى الكاتب المحترم.......أبو عيسى

      فـي الـنـهــايــة عــزيــزي الــكــاتــب أود أن أســجــل مــفــارقــة تــدعــوا لـلــضـحـــك وهــي أن الــبــعـــض قــد دأب عـلــى الــهــرولـــة للــتعـــلـيــق عـــلى مــقـــالاتـــك الــســابــقـــة الــــمــتـــعــلـــقــة بــإيـــران والـــتــي قـــد وجـــدوا فـــيــهــــا مـــا يــتــنــاســب مــــع أهــــوائــهـــم وأمــــزجــتــــهـــم الــــمـــريــضــة وبـــأســـمـــائـــهــم الـــمـــســتعــــارة والـــمــعروفة لــدى الـــقـــراء طــبـــعــاً
      يتبع

    • زائر 7 | 5:34 م

      الى الكاتب المحترم........أبو عيسى

      تحـلـيـلك مـوضـوعـي ولـكـنـك قـد تـتـهــم بـأنـك مـن أيـــتــام طـهـــران كــمـا يـــحـلـوا لــلـبعـض أن يــصـف مــن يــخــتـلفــــون مــعـهـم حيث أنـك كمـا نـحـن ، نــدرك صـرامـة هــذه الـعــقــوبــات إلا أنــنــا نــرى مــن خــلال المــعطــيات أن مــا تـمتـلــكه إيــران مــن عــلاقــات تـجــاريــة وتــقــدم تــكــنــو لــجــي مــا هــو أقـــوى مــن هـــذه العــقــوبــات مــا يــجــعــل مــن إيــران بـلــدٌ عــصـــيٌ عــلى الإنـــكــســار. يــتــــبــــع

    • زائر 6 | 3:18 م

      سعيد

      إيران باقية والحاقدون زائلون

    • الصريحه | 3:09 م

      إلى زائر 3/4/5

      لو أنك حقا شيعي أصيل لما سمحت لنفسك بالتبجح على أحد المراجع العظام وذكر اسمه هكذا بدون أي احترام ولو بذكر كلمة السيد على أقل تقدير!!!!!!!!!!!!!!!!!!
      حفظ الله السيد القائد علي خامنئي وأطال الله في عمره ونصر الله إيران الإسلام رغم أنف الحاقدين والمارقين
      وتحية خاصة إلى الأخ الشهم ولد المحرق ضد التجنيس

    • زائر 5 | 9:42 ص

      3 ايران مهزلة تاريخية....

      ملاحظة أحببت أن أنوه لجميع من سيردون وردودهم مليئة بالغظب والحقد الدفين لما عكسه تلك التعليقات الصادقة التي باتت تؤوق وتتعب أجفامهم بأني لست ( سني, وهابي, مجنس, مرتزق, ناصبي, شيرازي, مدني, أحقاقي, علماني, وأترك لكم البقية) انا شيعي وأعزي في مأتم بن زبر ولكن لم تفرض علي الألوان تعتيم الحقائق والأنخداع وراء كومة من القماش الأسود او الأبيض
      لكم تحاتي :)

    • زائر 4 | 9:37 ص

      2 ايران مهزلة تاريخيه سوف يشهدها التاريخ

      فأدعوا جميع المتشقدين والمراهنين على بقاء هذا النظام في ظل وجود صراعات داخلية وقمع وأستبداد رأي على أسقاط مراهناتهم والخروج بأقل التكاليف ولن يعرف معزى كلامي الا الأشخاص اللذين زاروا ايران وشاهدو واقعها المرير بعيونهم الصادقة التي تأبى عكس صور زائفة لتخدع عقولهم المتحجره بفكرة أنها دولة الأمام المهدي وأنه احمدي نجاد وعلي خامنئي هما من أهم الوزراء في حكومة الأمام المهدي(عج) كفاكم تخدير لعقولكم وعقول الناس وكفاكم تبجحاً فمن يرى الواقع الأيراني المرير يدرك معنى كلامي
      تفضل تحياتي أخي المحرقاوي

    • زائر 3 | 9:31 ص

      ايران مهزلة تاريخية سوف يشهدها التاريخ

      ان اشد مايدعو للأستغراب هذا الدفاع المستميت عن هذه الدولة العنصرية التي تفوح من داخلها نتانتة التفرقة والتمزق الفئوي بين أبنائها نرى البعض يتشدق ويدافع بشكل جنوني وكأنك يا احمد المحرقاوي قد أخطأت ومسست الذات الألهيه الى متى هذا الأنصياع والأنخداع بظاهر هذه السياسة الفاسده التي تقودها عصابة متؤامره على شعبها قبل الشعوب الخارجية كفاكم سيراً وراء عواطفكم وألوانها الخداعه وكفاكم تزيفاً لأنفسكم وأقتناعكم بأنكم قد حققتم المستحيل كونوا احرار في دنياكم فأن الأنصياع العمى يورث الندامة والخزي

    • زائر 2 | 5:14 ص

      ولــــــــــ المحرق ــــــــد ضد التجنيس حدث العاقل بما لا يليق فان صدق فلا عقل له

      الظاهر أن الزائر المراهق المدعو احمد المحرقاوي معلوماته السياسيه صفر على الشمال بل ربما هو معتوه او هارب من احدى المستشفيات النفسيه لانه ومن غير المعقول ان يكون هذا الكلام لشخص عاقل . الله يشافيك من مرضك يالحقود

    • زائر 1 | 2:27 ص

      انشاءالله صامده

      ايران معتمده على سواعد ابنائها ومتسلحه بالعلم والايمان وهي منتصره انشاءالله

    • أحمد المحرقاوي | 12:41 ص

      زوبعة في فنجان

      كل تلك الإجراءات مجرد زوبعة في فنجان ومسرحيات مثيرة ثم يسدل الستار وتشعل الأنوار . . منطقياً لا يمكن لأمريكا أن ترد الجميل لإيران بهذه الطريقة القذرة فلولا إيران لما استطاعت أمريكا أن تغزو العراق وتتوغل في باقي أقطار الخليج العربي فكيف بالله عليكم أن تقوم أمريكا بمعاقبة إيران !!

اقرأ ايضاً