نظمت اللجنة الأهلية بجنوسان عصر أمس (السبت) اعتصاماً قبالة ساحل القرية، شارك فيه العشرات من الأهالي وعدد من النواب وأعضاء المجلس البلدي الشمالي.

وطالب المعتصمون، الذين رفعوا أعلام البحرين، بوقف التجاوزات القائمة وردم سواحلهم من دون ترخيص، معربين عن رفضهم الاستيلاء على ساحلهم لبناء مشروع «مرسى السيف».

وذكر الأهالي في بيانهم أن «مشروع مرسى السيف مخالف للقانون ويأتي خطوة إضافية لفرض الأمر الواقع أسوة بمشروع نورانا الذي لايزال مرفوضاً من أبناء قرية جنوسان والقرى المجاورة»، لافتين إلى أنه يتناقض كليّاً مع قرار مجلس الوزراء بالتصديق على تقرير اللجنة الوزارية في الرد على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة، وذلك بوقف أعمال الدفان من الساية لغاية المدينة الشمالية».

الوداعي: الدفان سيدمِّر «فشت الجارم»

أهالي جنوسان يعتصمون للمطالبة بإيقاف «مرسى السيف»

جنوسان - محمد الجدحفصي

نظمت اللجنة الأهلية بجنوسان عصر أمس (السبت) اعتصاماً قبالة ساحل قرية جنوسان، شارك فيه العشرات من أهالي القرية وتقدمه عدد من النواب وأعضاء المجلس البلدي الشمالي، رافعين أعلام البحرين ولافتات للمطالبة بوقف التجاوزات القائمة وردم سواحلهم من دون ترخيص، رافضين الاستيلاء على ساحلهم لبناء مشروع «مرسى السيف».

ونوه بيان اللجنة المنظمة إلى أن «أهالي القرية كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أي مشروع خدمي لقريتهم المهملة، التي لم تجد أصوات أبنائها آذاناً صاغية طيلة سنوات»، مبينين أن «القرية لم تشهد في كل تاريخها إنشاء أي مشروع حكومي صحيّاً كان أو تعليميّاً أو سكنيّاً، إذ لا مدارس ولا مركز صحي ولا أي مشروع سكني يذكر حتى هذا اليوم «.

وأضاف البيان أنه بالإضافة إلى جميع ما ذكر فإن نداءات الصيادين والأهالي لإقامة مرفأ بحري على ساحل القرية لم تلقَ أية استجابة كذلك، على رغم معرفة المسئولين بمدى عمق العلاقة بين الأهالي بالبحر، مؤكدين أن عدداً واسعاً من أهالي القرية يمتهن الصيد البحري، ليأتي مشروع «مرسى السيف» بعد «نورانا» ويبدد أحلامهم ويغلق الساحل نهائيّاً أمامهم، وتضييع كل أحلام أبناء القرية المعدمة في اكتساب آخر ما تبقى لهم ألا وهو ساحلهم الذي يحتضن كل تاريخهم وثقافتهم والذي طالما كان مصدر رزق لهم وللعديد من الأسر في هذه المنطقة بشكل عام».

وواصل البيان أن «مشروع مرسى السيف مخالف للقانون ويأتي خطوة إضافية لفرض الأمر الواقع أسوة بمشروع نورانا الذي لايزال مرفوضاً من أبناء قرية جنوسان والقرى المجاورة، بالإضافة إلى أنه يتناقض كليّاً مع قرار مجلس الوزراء بالتصديق على تقرير اللجنة الوزارية في الرد على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة، وذلك بوقف أعمال الدفان من الساية لغاية المدينة الشمالية».

وناشد أهالي جنوسان جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إصدار أوامره للمعنيين بوقف المشروع وإنجاز مطالب القرية الخدمية من مشروع إسكاني وصحي وتعليمي، بالإضافة إلى مطالب الصيادين المتمثلة في حفر قناة بحرية لقوارب الصيد، وتأكيد حفظ الساحل كملك عام للدولة، وإنشاء مرفأ بحري للصيادين والأهالي بشكل عام، بالإضافة إلى تطوير ساحل القرية وإضاءته، وتوفير خدمات دورات المياه والمظلات فيه».

من جهته، تحدث النائب جواد فيروز (الوفاق)، قائلاً: «إن التعدي والردم على سواحل الوطن قد استحوذا على معظم مصائد الأسماك، والحفارات قضت على ما تبقى من تلك الثروات البحرية المتجددة، ولهذا فإن التعدي على السواحل أعظم جوراً من التعدي على اليابسة وهذا ما يراه الجميع بأم عينيه، فالجميع يعلم كيف أصبح المواطن بلا ساحل ولا أسماك وأصبح يتحسر على سواحله بعد التعدي عليها».

من ناحيته، أشار البحار عبدعلي المحاري، إلى أنه «قضى 40 عاماً بين ربوع هذا الساحل، الذي كان غنيّاً بالأسماك بمختلف أنواعها، بيد أن هذا الواقع تبدد من مرور الزمن ليصطدم الأهالي بسنوات السرقة والنهب لمقدرات هذا البحر، لتهرب بعدها الأسماك بعدما اعتدت الحفارات بالجرف والردم على مصائدها، لتنفق المئات منها يوميّاً وخصوصا أن لا ملجأ لها وذلك لعدم وجود الحشائش في البحر».

إلى ذلك، كشف النائب عن كتلة الوفاق عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب سيدمكي الوداعي أن دفان مشروع مرسى السيف المخالف للقانون «سيطال وسيدمر فشت الجارم أشهر فشوت البحرين وأغنى مناطق الصيد في البحرين».

وأكد الوداعي أن «الأضرار البيئية والاقتصادية لهذه المخالفات كثيرة، فالمنطقة عرفها أهل البحرين منذ القدم كموئل لأطيب أنواع الأسماك وخصوصاً الشعري والصافي، وكذلك القشريات، وهذا الدفان كما حرم الصيادين المعدين بالمئات من مصدر أرزاقهم فإنه حرم البلاد كذلك من خيرات هذه المنطقة البحرية الغنية بمواردها».

وشدد النائب على أن الدفان الذي يحدث في مشروع نورانا وفي مشروع مرسى السيف الذي لحقه هو دفان يفتقد للصفة القانونية لافتقاده للترخيص اللازم من عدة جهات أبرزها المجلس البلدي للمنطقة الشمالية المعني بالترخيص للدفان وللمشروع، وكذلك لمخالفة هذين المشروعين للمخطط الهيكلي الاستراتيجي بشكل واضح.

ولفت إلى أن تأكيدات مدير عام الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية تصب في أن الأضرار البيئية لدفان هذا المشروع هي أضرار حتمية، وفي مقابل ذلك قال إن الهيئة «تتلاعب بالمصلحة البيئية العامة وتصدر تصريحاً للدفان على رغم قناعتها بالتدمير الهائل الذي سيخلفه المشروع في المنطقة».

وتساءل: «ألم يسع الهيئة للتأكد من قانونية هذا المشروع وامتلاكه للرخص الرسمية الكاملة؟ أليست الهيئة مسئولة عن تنفيذ المخطط الهيكلي الاستراتيجي لمملكة البحرين والالتزام به والذي صدر ملزماً لجميع الجهات بتنفيذه كل فيما يخصه؟ فالهيئة إذاً أول من خالف المخطط الهيكلي في ظل الوضوح بوجوب تطبيقه والالتزام به في جميع التصريحات والترخيصات».

من ناحية أخرى، شدد الوداعي على أن المساحة التي يدفن فيها مشروع مرسى السيف هي مساحة مملوكة للدولة وهي ملكية عامة، وأن بيعٍ هذا العقار باطلٌ قانوناً بحكم المادة (11) من القانون المدني التي تنص على أن «السواحل والشواطئ من الأملاك العامة التي لا يجوز التصرف فيها، ولا تسقط ملكيتها بالتقادم». واستغرب «الصمت المطبق من قبل الحكومة مع وجود هذه التعديات والمعارضة الشديدة من أهالي المنطقة والمختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي والبيئي والسياسي والقانوني في البلاد فضلاً عن رفض المجلس المختص وهو مجلس بلدي الشمالية للمشروعين معاً».

حقوقيون: مشروعات التنمية يجب أن لا تلغي المواطنين

ساحل البحرين الشمالي - صادق الحلواجي

قام حقوقيون من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل)، بجولة ميدانية أمس اطلعوا خلالها على مدى تضرر القرى الساحلية الشمالية من الدفان القائم لصالح مشروع نورانا الاستثماري الإسكاني، الذي أغلق بدوره سواحل 4 قرى ساحلية وترك مسافة لا تزيد على 100 متر عن الساحل كممر مائي مليء بالطين والوحل والغبار الأبيض بفعل أعمال الردم.

ورصد الحقوقيون والبيئيون أكثر من 20 آلة تعمل على ردم البحر لصالح مشروع نورانا، وكذلك بالنسبة إلى الدفان الجاري أيضاً لصالح مشروع خاص على ساحل السنابس - كرباباد الذي ذكر في المخطط الهيكلي الاستراتيجي بصفته ساحلاً لعامة الناس.

وشارك في الجولة الميدانية رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) نبيل رجب، وممثل جمعية البحرين لحقوق الإنسان حسن أحمد وعدد من الحقوقيين والبيئيين الذين اطلعوا على سير أعمال شفط الرمال والدفان البحري الجاري حاليّاً في الساحل الشمالي من البحرين، ومدى تضرر الفشوت ومصائد الأسماك الطبيعية بالمنطقة.

إلى ذلك اعتبر رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) نبيل رجب ما يجري من أعمال دفان لصالح مشروعات خاصة استثمارية شمالي البحرين «تعدياً صارخاً على حقوق الإنسان ومصادرة لما كفله الدستور له سواء كان بصورة مباشرة أم غير مباشرة»، متسائلاً: «هل يمكن للحكومة أن تسمي مصادرة سواحل قرى ساحلية لصالح مشروعين خاصين (نورانا ومرسى السيف) من دون أدنى مقابل مادي أو معنوي حتى عن أرضي المشروعين، هي مشروعات تنموية للبلاد؟».

من جانبه، قال ممثل جمعية البحرين لحقوق الإنسان حسن أحمد: «إن الجمعية تضم صوتها إلى كل الجمعيات والبلديين والنواب والناشطين البيئيين بشأن الدفان الجاري شمال البحرين حاليّاً».

وأضاف «للأسف أن كل هذه المشروعات لا يستفيد منها المواطن حتى بمتر مربع واحد، في الوقت الذي صودرت فيه الأراضي والسواحل العامة»، مردفاً أن «عنوان التنمية المستدامة عبر هذه المشروعات سقط حاليّاً في ظل كل هذه التعديات وعدم استفادة المواطن منها طوال الأعوام الماضية، فما يجري من: تدمير للبيئة والقضاء على أرزاق شريحة كبيرة من المجتمع (الصيادين)، ومصادرة سواحل وأراض عامة خصصت للمواطنين بوثائق رسمية بالنسبة إلى بعضها سابقاً لصالح مشروعات خاصة أصبح ليس معقولاً ولا يمكن القبول به».

وأوضح ممثل جمعية البحرين لحقوق الإنسان أن «الجميع لا يقف معرقلاً لأي مشروعات تنموية يعود نفعها على الوطن والمواطن، لكن يجب ألا تكون على حساب المواطن بالدرجة الأولى»، مستنكراً «حرق المخطط الهيكلي الاستراتيجي للبحرين في أعوامه الأولى في ظل صمت الحكومة إزاءه».

وأفاد أحمد بأنه «يجب ألا تفتح الحكومة لها باب صراع جديداً مع المواطنين والمجالس البلدية والنواب، والجمعيات السياسية والحقوقية، لأن الكثير من المشروعات التي أنشئت ومصادرة السواحل من المواطنين والقضاء على أرزاق الصيادين وتدمير البيئة فشلت وإن لم يُعلن ذلك رسميّاً، فكم هي المشروعات المماثلة لنورانا ومرسى السيف مازال أكثر من نصفها لم يُستثمر أو تعطل بفعل الأزمة المالية وهروب المستثمرين».

ودعا الحكومة، نيابةً عن جمعية البحرين لحقوق الإنسان، إلى أن تكون «فاعلة في وقف التعديات على الأملاك العامة وتدمير السواحل، وأن تستثمر المواطن أولاً قبل العقار والمشروعات الخاصة، وخصوصاً أنها على المحك حاليّاً لإثبات هيبتها التشريعية والقانونية وإقرار دولة المؤسسات والقانون ضمن مشروع جلالة الملك الإصلاحي».

أما رئيس نقابة العاملين في قطاع الصيد البحري حسين المغني، فقد قال خلال الجولة أمس إن «قيمة الرمال التقديرية المجروفة لصالح دفان مشروعي نورانا ومرسى السيف تقدر بـ 177 مليون دينار، لكن لم يدفع إلى الحكومة ولا فلس واحد لقاء كل الرمال المجروفة والمشفوطة من البحر»، مشيراً إلى أن «قيمة هذه الرمال (177 مليوناً) كافية لتمويل عملية بناء 5500 وحدة سكنية و5 مدارس و3 مستشفيات للمواطنين ولإصلاح قطاع الصيد»