العدد 2891 - الخميس 05 أغسطس 2010م الموافق 23 شعبان 1431هـ

الحكم الديمقراطي الصالح... المكون الرئيسي للإصلاح السياسي والاقتصادي (15)

جون سوليفان comments [at] alwasatnews.com

كانت بيرو في أواخر الثمانينيات تعاني من أزمات متعددة منها الانتظار الطويل للحصول على الخدمة المطلوبة والإفراط الشديد في الأعمال الورقية والإجراءات البيروقراطية التي كانت تكلف شعب بيرو الكثير من الوقت والمال إضافة إلى القيود الأخرى التي كانت مفروضة على النشاط الاقتصادي. ولذلك أعد معهد الحرية والديمقراطية Institute for Lberty and Democracy (ILD) مشروع قانون وصمم استراتيجية إدارية لتبسيط الإجراءات البيروقراطية وتسهيل الإصلاح المؤسسي. وتم وضع مسودة القانون على أساس جلسات الاستماع العامة والمناقشات التي جرت في جميع أنحاء الدولة شارك فيها خبراء القانون من أعضاء الكونغرس. هذه الأنشطة التي استمرت لمدة عامين أضافت الكثير إلى مسودة القانون التي أعدها معهد الحرية والديمقراطية كما كونت تيارات قوية داعمة لهذا التوجه.

وافق الكونغرس بالإجماع على مشروع القانون الذي أعده معهد الحرية والديمقراطية في يونيو/ حزيران 1989، حيث وافقت عليه جميع الأحزاب السياسية بعد إدخال بعض التعديلات البسيطة وأصبح يسمى «قانون التبسيط الإداري Law for Administrative Simplification» وأصبحت الحكومة الآن قادرة بحكم القانون على إزالة القيود أو التخفيف منها، وتطبيق أنظمة الإدارة العامة وتقليل تكاليف العمليات إلى حد كبير. ويقوم القانون الجديد على أربعة أركان (1) تغيير معظم الشروط السابقة ووضع ضوابط جديد لاحقة. (2) جعل تكاليف التشغيل مع الامتثال للقانون أقل من تكاليف التشغيل المخالف للقانون. (3) لا مركزية إجراءات صنع القرار. (4) تعزيز المشاركة لمراقبة تنفيذ القرارات.

وبعد مرور فترة قصيرة على صدور القانون طلب الرئيس آلان جارسيا بيريز من معهد الحرية والديمقراطية إدارة تنفيذ عملية التبسيط وبدأ المعهد بالفعل إعداد آلية فريدة من نوعها اسمها «محكمة التبسيط الإداري» لجمع وتقييم مقترحات المواطنين بشأن تخفيف القوانين ومراجعة كيفية قيام مختلف البيروقراطيات بالاستجابة لمتطلبات القانون. ولتسهيل المشاركة العامة تم وضع صناديق صفراء اللون في مقر المعهد وفي الكثير من المكاتب الحكومية وجميع مكاتب الإذاعة والتلفزيون والصحف ليصبح باستطاعة الجميع وضع مقترحاتهم في تلك الصناديق والتعبير عن شكواهم بطرق مناسبة وسهلة. وشجع المعهد جميع وسائل الإعلام على الاطلاع على الشكاوى التي تصل إليهم، وطلب من أي صحافي يرى شكوى صارخة أو حالة شديدة أن ينشرها ويساهم في تكوين نوع من الضغط الشعبي لا يمكن للساسة أن يتجاهلوها.

وكان البت في الشكاوى يتم في جلسات محاكمة علنية يبثها التلفزيون ويديرها المعهد برئاسة رئيس الجمهورية. وتعقد المحكمة جلساتها مرة كل أسبوعين صبيحة يوم السبت، وقد جذب البث التلفزيوني اهتمام عدد كبير من المشاهدين.

وتم خلال السنة الأولى من عمل المحكمة التي كان يحضرها رئيس الجمهورية بحكم القانون حل أكثر من 200 عقدة من العقد البيروقراطية، وتم تخفيض الوقت المطلوب لإنجاز المئات من المعاملات والخدمات الرسمية بنسبة 75 % على الأقل ومنها على سبيل المثال استخراج جوازات السفر وتقديم طلبات الالتحاق بالجامعة والحصول على وثيقة عقد الزواج، الخ. وكان الحصول على وثيقة عقد الزواج مثلا يستغرق720 ساعة من الإجراءات البيروقراطية المعقدة، وتم تخفيضها إلى 120 ساعة فقط. هذا الإجراء يساعد المرأة على ضمان حقوقها كشريكة في عقد الزواج. كما انخفض عدد الوثائق المطلوب تقديمها للالتحاق بالدراسة الجامعية من 9 وثائق إلى وثيقتين فقط. ومع نهاية ولاية الرئيس جارسيا في يوليو/ تموز 1990 كان نحو 79 % من سكان البلاد (84 % منهم من أفقر الطبقات) يرون أن قانون التبسيط الإداري كان أحسن قانون صدر في الدورة التشريعية 1985/ 1990.

وبعد تغيير الحكومة سنة 1990 قدم معهد الحرية والديمقراطية إلى الرئيس فوجيمورو 39 مسودة قانون تستهدف الإصلاحات القانونية التي تم وضعها استنادا إلى النتائج التي توصل إليها المعهد من تحلل الشكاوى التي وردت إلى المحكمة واستنادا إلى مبادئ التبسيط الإداري. وقد أصدرت السلطة التنفيذية 15 قانونا منها قانون تسجيل الشركات الموحدة وهو خاص بالمنشآت الصغيرة، وقانون تحرير أسواق الأراضي والعقارات، وقانون العفو عن السجناء الذين سجنوا دون المثول أمام المحاكم.

وقد استخدمت حكومة الرئيس فوجيموري الوسائل التي تضمنها قانون التبسيط الإداري لتنفيذ معظم إصلاحات التكيف الهيكلي التي كانت تحتاج إليها لتصبح بيرو طرفا فاعلا في الاقتصاد العالمي.

إقرأ أيضا لـ "جون سوليفان "

العدد 2891 - الخميس 05 أغسطس 2010م الموافق 23 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:33 ص

      غريب ...................... ما تتعب يا أخي الكريم.

      ------------- فما في النار للضمآن ماء-------------
      هذه دول تعتقد حكمها إلهي
      منزل من الله
      هم ولاة الامر
      وهناك من يطبل لهم ليل نهار
      بإسم الدين
      يظلمون
      باسم الدين
      ينهبون ويسلبون
      باسم الدين
      استعبدوا الخلق
      باسم الدين
      استملكوا كل شئ
      باسم الدين
      اساءوا للدين وقيمه ومبادئه الرقيعة
      ساسم الدين
      شوهوا صورة الاسلام والمسلمين في الارض
      باسم الدين
      نقلوا المسلمين للعصر الجاهلية
      باسم الدين
      نشر الفساد والشكر في الارض

    • زائر 1 | 1:23 ص

      بهلول

      جون ،
      إنت ما تتعب ؟ ما تيأس يعني ؟ للحين عندك أمل يصطلح حالنا ؟
      الله يهديهم و يرشدهم لقراءة مقالاتك ، الجماعة اللي عندنا ! آمين

اقرأ ايضاً