غريب أمر بعض المترشحين للانتخابات البلدية والنيابية هذه الأيام، فما يمارسونه من دعاية بعيدة كلياً عن معايير الأخلاق واحترام الآخرين على قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة»، فمن أجل الوصول إلى المقعد ذي الامتيازات الخيالية يستلون أقلامهم وألسنتهم للنيل من الأشخاص والوزارات والجهات الرسمية وتحميلها كل عيوب الدنيا، من أجل رفع أسهمهم وحظوظهم في الفوز ونيل رضا مريديهم.
يقومون بزيارات ميدانية لتفقد مواقع سكن العزاب، ودراسة طلبات تصنيف الشوارع التجارية، وحصر البيوت المهجورة، ومعاينة الطرق الرملية التي تحتاج إلى رصف، على رغم أن الأمر الملكي بتحديد موعد لانعقاد الانتخابات لم يصدر حتى هذه اللحظة.
ولم يتوانَ أحد المترشحين عن مطالبة وزير مسئول عن وزارة خدمية بالنزول إلى الشارع وتفقد مطالب الأهالي وتلمس احتياجاتهم عن قرب، والوقوف على مستوى النقص الحاصل في مختلف المرافق والخدمات، وذلك في تجاهل صريح وصارخ لوجود ممثل عن المنطقة يمارس مهماته المسندة إليه كممثل عن دائرته بحسب القانون، وهو على اتصال وتواصل مستمر مع المعنيين والمسئولين لتنفيذ المشروعات التي أقرت ورصدت لها اعتمادات مالية.
النائب أو العضو البلدي الذي أعلن عن رغبته في الترشح للانتخابات المقبلة مجدداً، لا يتساوى مع المترشحين على قاعدة التنافس إلا بعد صدور الأمر الملكي بعقد الانتخابات، وما دون ذلك فإنه يستمر في تأدية عمله ويباشر اختصاصاته كممثل فعلي عن المنطقة التي فاز بأغلبية أصوات ناخبيها في العام 2006، ولا يحق لأحد أن ينازعه في الصلاحيات التي أعطاها إياه المشرع.
هذا الخلط أفرز مشكلات كثيرة وصلت إلى الملأ في الصحافة المحلية خلال هذه الفترة، بينما هي محسومة منذ فترة طويلة، فما المغزى من مناشدات المترشحين لإقامة مشروع إسكاني هو أساساً مدرج على جدول أعمال وزارة الإسكان ضمن خطتها المستقبلية للأعوام المقبلة، وجاء بعد سلسلة من اللقاءات مع العضو البلدي والنيابي، وبناءً على دراسة شاملة أعدت استناداً إلى حاجة أهالي المنطقة؟
وما هي الدوافع وراء إطلاق التهديد والوعيد للبلديات والمجالس البلدية في حال عدم قضائها على مشكلة سكن العزاب الأجانب في المناطق السكنية، في حين إن اللجنة المختصة بمجلس الوزراء لا تزال تدرس وضع آلية مناسبة لمعالجة هذه المشكلة من جذورها بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، مع العلم أن البحرين تعاني من هذا الأمر أسوة بدول أخرى مجاورة تعتمد على العمالة الآسيوية في الكثير من القطاعات الإنشائية والاستثمارية والإسكانية؟
العتب لا يقتصر على الفزعات الانتخابية بل يقع أيضاً وبصورة موازية على بعض الصحف المحلية التي لا هم لها سوى ملء صفحاتها بأخبار المترشحين، حتى وإن كانت على سبيل الدعاية العلنية الواضحة التي لا يفهم منها سوى استعراض العضلات وإطلاق بالونات الاختبار، واستثارة عواطف الناس بوعود كاذبة وبرامج انتخابية مستوردة، فيما المهنية تتطلب من هذه الصحف تفحص كل ما يصدر إلى القارئ من معلومات، لما لذلك من أثر على صدقيتها لدى عموم القراء.
الرد الرسمي على ما يتفضل به البعض من المترشحين، لا يمثل رصيداً بالنسبة لهم يمكن ضمه في كتيب أو مطوية لتوزيعه في الخيام الانتخابية وخلق قاعدة جماهيرية من ورائه، وإنما هو في الواقع مضيعة للوقت واستنزاف للجهود التي من الواجب أن تسخر للإنجاز والتنمية لا للرد على الشطحات الانتخابية.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2889 - الثلثاء 03 أغسطس 2010م الموافق 21 شعبان 1431هـ