تاريخنا العربي موشى بالدم ولعل الحروف العربية هي أكثر الحروف احمرارا. .. بني التاريخ العربي دمويا وفي كل محطة من محطات التاريخ زرعت اعواد مشانق للرأي الآخر وكما ينقل المؤرخون العرب "الطبري والبلاذري والمسعودي" فإن عدد الذين اعدموا في عهد الحجاج في العراق، بلغ نحو 130 ألف نسمة، ومات الحجاج رجل الخازوق والصولجان تاركا وراءه في سجونه 50 ألف سجين و30 ألفا من النساء معظمهم عراة. ويذكر التاريخ ان عدد الجلادين لم يكن يكفي لاعدام العدد الكثير من معارضيه. كثير هم الذين كلموا العالم بالنار... الحجاج والامبراطور الروماني كاليفولا، ونيرون وجنكيزخان وهولاكو وتيمورلنك وقيصر روسيا ايفان وأدولف هتلر وبول بوت... رحلوا وبقوا سبة في فم الزمن... والأبطال هم الخالدون... والسؤال بعد قتل الإمام الحسين "ع" من الذي خلد وبقي... يقول الشاعر
ظنوا بأن قتل الحسين يزيدهم
لكنما قتل الحسين يزيدا...
فالحسين هو الذي قتل يزيد وهذه المآتم هي مآتم تبكي على القاتلين كيف قادتهم الخطيئة الى التورط التاريخي تماما كما وصفهم الشاعر المسيحي بولس سلامة:
مأتم القاتلين لا مأتم القتلى
يسيرون للخلود عجالا
دعونا نقرأ الحسين في الموسوعات السياسية، وفي فكر الآخرين. تقول الموسوعة السياسية وهي للمؤلف عبدالوهاب الكيالي ج2 "قتل الحسين في ملحمة من البطولة والاستشهاد ذهب بها الحسين في التاريخ رمزا لمن يقدم حياته وقودا لايقاظ أمته وشعبه ضد الاستبداد" وهناك نزار قباني في ديوانه الجميل "قصائد مغضوب عليها".
"البحر نص أزرق يكتبه علي
ومريم تجلس فوق الرمل كل ليلة
تنتظر المهدي
وتقطف الورد الذي يطلع من أصابع الظمايا
وزينب تخبئ السلاح في قميصها
وتجمع الشظايا
فاطمة تجيء من صور وفي ثيابها
رائحة النعناع والليمون
فاطمة تأتي وفي عيونها
خيل ورايات وثائرون".
وفي قصيدة أخرى عصفور يخرج من غرناطة يقول:
"ظلي معي... فلربما يأتي الحسين
وفي عباءته الحمائم والمباخر والطيوب
ووراءه تمشي المآذن والربى
وجميع ثوار الجنوب".
يقول مظفر النواب في ديوانه:
"وكم انت تشبه رأس الحسين الذي فوق رمح
ولا يستريح
تأبى الذوائب منذ ثبتتها الدماء على غزة
ان تزيح
ومن ثبتته الدماء محال يزيح"
ويعيد مظفر النواب صورة للحسين "ع" وعلي "ع" وكأنه يقرأ صورة من حكموا التاريخ، بالحديد كصدام وتشاوشسكو وستالين.
ماذا يقدح في الغيب أطلوا
ماذا يقدح في الغيب أسيف علي؟
قتلتنا الردة يا مولاي كما قتلتك بجرح في الغرة
هذا رأس الثورة يحمل في طبق في قصر يزيد
وهذه البقعة أكثر من يوم سباياك
فيالله وللآلام ورأس الثورة
وكذلك هو المسيحي سليمان كتاني يؤلف كتابا بنكهة ميسمية موشاة بخيوط ذهبية من وشاح مريم العذراء "ع" اسم الكتاب "الامام الحسين في حلة البرفير".
التاريخ مازال يزور وهناك كتب تطبع تريد ان تبرئ يزيد من قتله الحسين "ع" على رغم توافق كل المسلمين على ذلك من قبيل كتاب "أباطيل يجب ان تمحى من التاريخ" لابراهيم شعوط بل راح الكاتب يدافع حتى عن الحجاج بانه مظلوم وانه كان "محبا للقرآن" وان مؤرخا قال "ما حسدت الحجاج على شيء حسدي اياه على حبه القرآن وانه مات تاركا وراءه 300 درهم فقط، وان الحجاج اذا ذكر الموت والأخرى بكى وانه كان يقرأ القرآن كل ليلة"... الخ من المهازل. وقرأت كتابا كاملا يدافع عن الحجاج اسمه "الحجاج المفترى عليه" تماما مثل "صدام المفترى عليه".
وأخفقت كثيرا الكاتبة الاردنية سلوى العمد في تحليلها لثورة الحسين في كتابها "الامام الشهيد في التاريخ والايديولوجيا" وطلع كتاب يزين هارون الرشيد اسمه "هارون الرشيد أمير الخلفاء وأجل ملوك الدنيا".
وراح الجواهري يرتل قصيدة "اسعف فمي" معرجا على أهل البيت "ع".
يا ابن الذين تنزلت ببيوتهم
سور الكتاب ورتلت ترتيلا
والجاعلين بيوتهم وقبورهم
للسائلين عن الكرام دليلا
هذي قبور بني أبيك ودورهم
يملأن عرضا في الحجاز وطولا.
أوصي الشباب بقراءة كتاب "تراجيديا كربلاء" الصادر عن دار الساقي للمؤلف ابراهيم الحيدري.
يا أبا الشهداء تبقى قامتك عالية وان تنزى الجرح نجيعا وستبقى قربانا يفيض ذهبا على مذبح الفضيلة وان الكلمات لتموت على الشفاة حيرى وهي تتوسم مجدا بنيته فوق جبهتك الشامخة وإنا لو جعلنا من نبضات قلوبنا عقدا لولائك لما قدرنا ان نوفي حقك لانه "لا يوم كيومك يا أبا عبدالله"
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 937 - الأربعاء 30 مارس 2005م الموافق 19 صفر 1426هـ