مسكينة هي الوحدة الوطنية في كثير من البلدان العربية هذه الأيام وخصوصا العراق ولبنان. ففي الوقت الذي يترقب فيه الجميع انعقاد الجلسة الثانية للجمعية الوطنية العراقية لكي تختار رئيسها ونائبيه ومن ثم تمهد الطريق نحو تشكيل الحكومة التي طال انتظارها نجد أن الخلافات طغت بين أعضائها وتبادلوا الاتهامات بينما ازداد الشعور بالإحباط لدى المواطن البسيط الذي جازف بنفسه وأدلى بصوته لينتخب ممثليه.
وفي هذا الظرف السياسي العصيب تشتد هجمات الإرهابيين وفلول النظام البائد على الأبرياء وأخذت قذائف الهاون تتساقط على مقر البرلمان الثلثاء الماضي.
في هذه الأجواء الحزينة تصل للمواطن العربي أخبار مفزعة من لبنان والتي تنذر بعودة الحرب الأهلية البغيضة، فقد أوشك رئيس الوزراء المكلف عمر كرامي أن يعتذر عن تشكيل حكومة وحدة وطنية كان يراهن عليها لاخراج البلاد من النفق المظلم الذي دخلته عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.ولكن مع تعنت المعارضة اللبنانية وتمسكها بشروطها التعجيزية أدرك كرامي، ان ثمة تفاهما على تشكيل حكومة مصغرة من الحكماء تتولى قيادة البلاد حتى الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي هذه الأثناء يأتي نبأ ذهاب رئيس المخابرات اللبنانية ريمون عازار في إجازة قيل انها ربما تمتد أكثر من شهر ،وذلك بعد أيام من نشر تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق الذي اتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية بالتقصير. وهي إجازة ربما تجلب مزيدا من الاتهامات بشأن تورط الأمن في جريمة الاغتيال. إذ من المفترض أن يظل عازار مرابطا مع إخوانه في هذا الوقت بالذات كما فعل الرئيس أميل لحود.
إن حال الوحدة الوطنية في الكثير من الدول العربية ليست بأفضل من العراق ولبنان فهي مهددة بالخلافات وإيثار المصالح الشخصية والفئوية والحزبية ما ينذر بحدوث نكسة كبرى لبرامج الإصلاحات المرتقبة التي يتحدث عن الغرب وخصوصا الإدارة الاميركية.هذا المناخ المتلبد ربما يمهد الطريق لقيام أنظمة عسكرية قد تقضي على هامش الحريات والديمقراطية الموجود وعندها ستتباكى أطراف النزاعات على الفرص الضائعة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 937 - الأربعاء 30 مارس 2005م الموافق 19 صفر 1426هـ