خلط الأوراق ينقسم إلى أنواع. .. بل أنواع متعددة وكثيرة، أحد هذه الأنواع أن يكون خلطها متعمدا وهذا يحسب من الذكاء إذا ما استخدم بحكمة وحنكة وشيء من الدهاء... وأخرى على غفلة بسبب تساهل أو تجاهل وهنا يمكن أن نختصر الوقت ونقول إنه يحسب درجة من درجات الغباء!
كما هو الحال بالضبط مع خلط الأوراق... ينطبق تماما مع خلط الموضوعات... بل أحيانا الخلط في المصطلحات التذي يقلب بدوره الحقائق... فلنتكلم بتفاصيل أكثر حتى لا يتهموننا بأننا "متفلسفين" وإحنه مو قاصرين!
متى ما خلطنا مثلا بين الحلم والواقع هو بالضبط الخلط الحاصل بين حلم الوحدة الوطنية التي يتحدث عنها الكل لاسيما الجهات الرسمية إذ بات كل مسئول يكررها وأصبحت واحدة من المصطلحات المستهلكة مثلها مثل "ويهمنا راحة المواطنين!"... وبين الواقع من تمييز وطائفية بين أفراد المجتمع وهذا بالضبط ما هو حاصل... كما ويتكرر هذا الخلط في خيال أن لا يكون هناك فقراء في البلد كوننا بلدا يسبح على بقعة نفط ولدينا من الاستثمارات التي تنعش اقتصادنا وتقضي على البطالة بحسب المسئولين طبعا... مع واقع مرير في وجود الفقراء فئة الخمس نجوم والذين يصل الحال بهم إلى أن يستحموا في ساحل النادي البحري ليس استجماما بل لانقطاع الماء والكهرباء بسبب عدم دفعهم فاتورتها، وينامون في السيارة التي لا يملكون قيمة تسجيلها وتجديد تأمينها والتي وصل حال أحد أبنائها إلى الهروب من هذه العيشة المأسوية والبحث عنه مع الشرطة لمدة تجاوزت العشرة أيام حتى حصلوا عليه! ناهيك عن الشقة الإيجار التي سيطردون منها قريبا جدا لأنهم لا يملكون قيمة إيجارها!
الخلط كذلك في المفاهيم .. عندما يخلط المدرس "وليعذرونا" بين أسلوب العقاب والثواب في التعليم ليستخدم الضرب الذي مازلت أتذكره بعد مضي أكثر من عشرين سنة بالضبط من المشرف الاجتماعي بمدرسة ابن سينا وبين ضرب التعليم الذي يهدف الى مصلحة الطالب بدلا من إهانة وتعقيد وتعذيب الطالب وكأنه في سجن أبو غريب! وهذا نوع من أنواع الخلط الغبي الذي بدأنا به المقال!
إن أنواع الخلط التي تؤدي الى "مشكلات" غالبيتها بسبب التفسير النسبي بين الافراد، وهي لا تعدو كونها تصرفات شخصية غير محسوبة على العامة بقدر ما هي محسوبة على الخاصة... إذ ترى مثلا تفسير هذه الثلة من الناس للوحدة الوطنية بأن يتم التعارف على أن يتم تخوين فئة من دون الاخرى، وهذا خطأ... إذ تم إدراج ثقافة العرف السائد وإن كانت خطأ في قرار من شأنه أن يؤثر على مستوى ومستقبل فئة ليست بالقليلة البتة، لتظل طوال عمرها مطلوبا منها أن تثبت حسن نواياها.
هل تذكرون الديمقراطية... هذه الكلمة التي إذا ما نطقت بها أصبحت من المغضوب عليهم وأصبحت أحد رواد السجون والمعتقلات في التسعينات... وهل تذكرون ما التفسير النسبي والسطحي لها بأنها ترقى الى درجة الكفر وأنها لا تتناسب ودولة "القانون" في بلدنا؟... هل تذكرون "بعض" الكتاب والكاتبات آنذاك عندما كانوا يشرحونها "ويسوقون" التفسير الخطأ على أنها "الديمقراطية" شر مستطير ولا حاجة لنا بها... إنهم نفسهم الآن من يتشدقون بها... ويذكرون محاسنها وتجارب الدول الاخرى وكيف أن الدول التي لا تطبق هذه السياسة "الديمقراطية" متخلفة ورجعية!! وهذه نوعية من أنواع الخلط الذكي الذي ذكرناه آنفا، إذ يتطلب من صاحبه أن يكون ثعبانا... لا أكثر!
إضاءة
وصل سعر بيع رخصة العمل "الفيزة" للعامل ألف ومائتي دينار... ورخصة الخادمة الى سبعين دينارا.. كما وصل سعر بيع البطاقة السكانية الى 50 دينارا في أول شهر و30 دينارا للشهرين المقبلين حتى الاستقالة كون البيع يعني توظيفا وهميا!
هذه المعلومات "غير السرية طبعا" أخذتها من أحد موظفي وزارة العمل وإدارة السجل السكاني.. ترى هل تتوقعون أن واضعي القوانين لا يعلمون بهذا الخلل في القوانين؟... أم هم "يتعامون" عنها رغبة في اللعب على موضوع العرض والطلب؟
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 936 - الثلثاء 29 مارس 2005م الموافق 18 صفر 1426هـ