حضرت قبل أيام مجلسا عامرا من مجالس أحد التجار في البحرين، وكان صاحب المجلس من أولئك الناس الطيبين الذين لم تغيرهم المادة. فهو يصرف بسخاء على جلساته بكل طيبة قلب. طالما أن الخير كثير والحمدلله وطالما انه رجل مؤمن بالله سبحانه وتعالى.
لكن ما أصابني بالعجب تلك الشراهة التي بدت جلية واضحة في عيون بعض من نزل مجلسه، إذ مع أن الخير والزاد كثير إلا أن بعض الحاضرين كانوا أشبه بالقنبلة الموقوتة التي انفجرت حالما رأت الأكل، وكأن الزمن وقف وتحول الإنسان في لحظتها الى رجل قطع ما قطع من أميال دون زاد حتى وصل إلى بيته فأنقض على الأكل. ولست أعني جميع الحاضرين وانما عنيت نفرا من الناس يثير الاستغراب بشراهته هذه التي ما بعدها شراهة.
ان الشعب البحريني شعب معروف بأخلاقياته وحسن تصرفه، وهو فوق هذا وذاك شعب مثقف يستطيع تمييز الفعل القادر على منحه صورة حميدة عنه والفعل الذي يسيئ إليه ويعطي صورة مغايرة. فكيف يغفل بعض أحبابنا وأبناء بلدنا عن هذا الأمر؟!
ان البحرين وان كنا ندرك تماما أن بها فقراء لا يحصلون على ما يشاؤون من الأطعمة والأشربة بلد خيرة وغنية، ومعروف عن أهلها الكرم وحسن الخلق وعندما يأتي شقيق من الدول الخليجية ويشهد هذا الزحف على صواني الكل وعلى الرز واللحم يشعر بشيء من الاشمئزاز، فكيف لو تحول هذا الأمر إلى فعل يومي يمارسه البحرينيون وتحولت الشراهة إلى ما يشبه العادة حينما تتسرب الى الذهن فتملك على صاحبها تفكيره.
وقد نعذر وافدين إلى البحرين تختلف عاداتهم وطبائعهم عنا، ولكن لا يمكننا عذر من هو منا ومن أهل بلدنا
العدد 935 - الإثنين 28 مارس 2005م الموافق 17 صفر 1426هـ