يناقش مقال اليوم مسألة الفترة الانتقالية لتنفيذ مشروع إصلاح سوق العمل. المعروف أن المشروع حدد الفترة الانتقالية بثلاث سنوات على أن تبدأ في يناير/ كانون الثاني .2006 والسؤال المطروح هو: هل هذه الفترة قصيرة أم كافية لتنفيذ هذه المبادرة؟ ونود في هذا الصدد الإشارة للنقاط التالية.
أولا: يرى القائمون على مشروع إصلاح سوق العمل بأن هذه الفترة الانتقالية ضرورية لأنها سوف تمنح الفرصة اللازمة لسد الاختلافات بين كلفة العامل الأجنبي ونظيره البحريني. ومرد ذلك تدني كلفة توظيف العامل الأجنبي مقارنة بالبحريني "تبلغ كلفة المتوسط الشهري 110 دنانير للأجنبي مقابل 250 دينارا للبحريني". وعليه يرى هؤلاء أن الوضع الحالي يصب في مصلحة العامل الأجنبي على حساب البحريني وأنه لابد من سد هذه الثغرة.
ثانيا: بدورنا نميل للرأي القائل إن فترة ثلاث سنوات قصيرة وأنه لابد من تمديدها حتى يتسنى لمؤسسات القطاع الخاص تكييف ظروفها خصوصا وأن الرسوم ستكون عالية نسبيا "600 دينار كل سنتين عن كل عامل أجنبي كرسم دخول أو تجديد زائدا رسوم شهرية أخرى تبدأ بـ 10 دنانير في العام 2006 وتستقر عند 75 دينارا في العام 2009". ربما يكون من الأفضل تبني فكرة الخطة الخمسية، وهي الرائجة بين الدول عند تنفيذ المشروعات الاستراتيجية. فحجم الرسوم ليس بالأمر الهين على القطاع الخاص والذي بدوره لم يعتد على دفع مبالغ تصل لحد 100 دينار شهريا ابتداء من العام .2009
نرى بأن الاستعجال في التنفيذ ليس صحيحا، بل الصواب هو التدرج ولنا في تجربة كل من روسيا والصين عبرة. فروسيا "أو الاتحاد السوفياتي" طبقت الإصلاحات الاقتصادية بصورة سريعة وأدت النتيجة إلى حدوث نوع من فوضى اجتماعية إذ انتشرت عصابات الجريمة المنظمة وبات الحصول على لقمة العيش ليس بالأمر السهل، خلافا لما كان عليه الوضع في زمن النظام الاشتراكي. بالمقابل تبنت الصين خيار التدرج في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية في التحول إلى نظام السوق والمحصلة أن الاقتصاد الصيني يعتبر اليوم الأسرع نموا في العالم. يعتقد على نطاق واسع أن النمو السريع في الناتج المحلي الصيني "أكثر من 10 في المئة نمو حقيقي"، أحد أسباب ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية.
ثالثا: نرى ضرورة منح شركات القطاع الخاص الخيار في جلب العامل الأجنبي لمدة سنة أو سنتين على أن تبلغ رسوم الدخول أو التجديد لمدة سنة 300 دينار. فلا توجد هناك أية قدسية لفكرة السنتين بل ربما يكون من المصلحة أن لا يبقى العامل الأجنبي في البلاد لفترة طويلة نسبيا.
رابعا: إن ما يبعث على الاطمئنان هو أن هيئة تنظيم سوق العمل ستراقب التطورات في السوق وربما تقرر كل ثلاثة شهور إجراء بعض التغييرات في الرسوم المفروضة أو حتى تمديد المدة ما يعني أن الجدول المقترح للتطبيق قابل للتغيير. فالمؤكد أن من مصلحة الهيئة أن لا يحدث ضرر مادي للاقتصاد عند التنفيذ.
خامسا: والأهم هو الحديث الذي أدلى به ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد بخصوص المرونة عند تنفيذ تفاصيل المشروع. فقد ذكر سموه أن عملية التنفيذ سوف تتميز بالنهج المتدرج والذي بدوره "يراعي الواقع ويعمل على تحسينه".
في المحصلة نرى أنه لا يوجد ما يدعو للتخوف من تنفيذ تفاصيل مشروع إصلاح سوق العمل وخصوصا أن ديوان ولي العهد ومجلس التنمية الاقتصادية يعيان ضرورة الأخذ بتصورات فعاليات المجتمع المدني "لاحظ توجيه سمو ولي العهد فيما يخص استحداث نظام خاص لقطاع خدم المنازل" فضلا عن مرئيات غرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين. نأمل اللقاء مجددا يوم الخميس لمناقشة السؤال التالي: هل الحكومة مستعدة لتطبيق مشروع سوق العمل؟
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 934 - الأحد 27 مارس 2005م الموافق 16 صفر 1426هـ