بحلول العام المقبل من المفترض أن يشهد النظام السياسي البحريني حالا من الحراك السياسي نتيجة الاستحقاقات الانتخابية التي ستبدأ بالانتخابات البلدية تعقبها الانتخابات التشريعية. وهناك جملة من القضايا الرئيسية التي ظلت منذ العام 2002 بلا حسم، وقد يكون من المناسب الشروع في طرحها ومعالجتها بأسرع وقت حتى تكون الصورة أكثر وضوحا في تقييم التوقعات والحوادث المقبلة وأثرها على عملية الإصلاح.
من جملة قضايا اللاحسم ثنائية المقاطعة/ المشاركة، وهي من أبرز القضايا التي مازالت بحاجة إلى إعادة نظر، سواء من قبل التنظيمات السياسية المقاطعة التي أفرزت مجموعة من المؤشرات الإيجابية لتؤكد قناعتها بخطأ قرارها السابق وفشلها طوال ثلاث سنوات في تحقيق مكاسب وأهدافها تجاه المسألة الدستورية، وأصبحت تعاني أكثر من أي وقت مضى من تراجع في الدور داخل النظام وتشتت حاد لدى القواعد تجاه الموقف من الانتخابات، وكيفية العودة إلى المشاركة في صوغ تفاعلات النظام السياسي البحريني. وبالمثل فإن السلطة مطالبة بإبداء مرونة أكبر حيال إصلاح النظام ومنحه مزيدا من الحريات المقننة، وهناك عدة أمور يمكن لإعادة النظر فيها أن تساهم في تحريك القواعد والتنظيمات في الوقت ذاته، مثل تعديل قانون الدوائر الانتخابية وإبداء مرونة أكبر تجاه الاقتراحات برغبة والمشروعات بقوانين التي طرحها مجلس النواب بهدف إعادة الثقة إلى المواطنين بنتاج المشروع الإصلاحي.
قضية أخرى من قضايا اللاحسم هي اتخاذ إجراءات واضحة وقرارات صارمة تهدف إلى فصل العمل السياسي عن العمل الخيري. ففي الانتخابات الماضية لعبت الجمعيات والصناديق الخيرية الكثيرة دورا سلبيا ومؤثرا في حفز المواطنين للمشاركة السياسية عبر صناديق الاقتراع من خلال ربط المساعدات الخيرية بالتصويت لصالح مترشحين معينين، وهذا يحتم على وزارة الشئون الاجتماعية بإدارتها الجديدة الشروع في تقييم هذه الظاهرة واتخاذ اللازم لمنع تكرارها العام المقبل. وما يزيد من خطورة الوضع احتمالات مشاركة القوى السياسية الإسلامية الشيعية في الانتخابات، وهو ما يتيح الفرصة لتكرار الظاهرة في البلاد على نطاق واسع.
كذلك من قضايا اللاحسم مسألة مشاركة المرأة في الانتخابات وما يسمى بـ "الكوتا النسائية"، ففي الوقت الذي أعلن فيه المجلس الأعلى للمرأة رفضه لها مازالت بعض القوى السياسية النسائية تطالب بها، وبالتالي فإن هذه القضية مازالت في خانة اللاحسم. وأعتقد أن تجربة انتخابات 2002 مازالت حاضرة في أذهان المواطنين والمجتمع، وعلى رغم تقبل الثقافة السياسية البحرينية دور المرأة في المجتمع فإنه يبدو أنها تعاني من إشكال تجاه إناطة صنع القرار السياسي بالمرأة. ولذلك فإن مسألة "الكوتا" غير مهمة في الوقت الراهن بقدر أهمية القيام بخطوات عملية إزاء تغيير الثقافة السياسية للمواطنين، وتغيير القيم السائدة تجاه مشاركة المرأة في صناعة القرار، وهي قضية صعبة بحاجة إلى سنوات طويلة لحصاد نتائجها، وإلى ذلك الوقت فإنه يمكن زيادة عدد عضوات الكتلة النسائية في مجلس الشورى المعين.
تلك بعض من أهم القضايا اللامحسومة التي يعاني منها النظام السياسي البحريني، وعلى السلطة والقوى السياسية المختلفة التفكير فيها بجدية من الآن ليتم حسمها بحلول النصف الثاني العام الجاري، وخصوصا أن تأخير حسمها له عدة مضاعفات سلبية داخل النظام السياسي وهو ينحو نحو تحول ديمقراطي حتى لا يعاني من جمود سياسي قد يوقف تفاعلاته ويؤدي إلى ركودها
العدد 933 - السبت 26 مارس 2005م الموافق 15 صفر 1426هـ