إن الدخول في مرحلة كسر عظم، كالذي حدث خلال الأيام الماضية، أمر يبعث على التشاؤم، والدعوة تتجدد لانتهاج الحوار بديلا لـ "كسر الاصابع".
وربما من المهم الإشارة هنا إلى أنه كان خطأ حل مركز البحرين لحقوق الإنسان، وتجميد نشاط نادي العروبة، والأمل ألا تكرر الحكومة الخطأ ذاته في تعاطيها مع تسيير "الوفاق" للتظاهرة الدستورية أمس، والتي حضرها الآلاف، ساروا منتظمين وملتزمين بالضوابط. ولعل من المناسب أن تدرك الحكومة أن وجود هذه الجمعية مطلب لها أيضا، في ظل شارع لا تنقصه عوامل الاثارة والتهييج، ولاكتمال "الديكور" الديمقراطي، كما هو وجود البرلمان والمجالس البلدية وتعدد الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني، وهي مؤسسات يمكن اعتبارها من جهة أخرى خطوة في طريق الألف ميل، باتجاه دولة المؤسسات والقانون.
يبدو لي أن هاجس "الوفاق" الرسمي المتشدد في المضي في المظاهرة يعود إلى ما سبق أن فعلته حين تخلت، في مارس/ آذار ،2004 عن الندوة الجماهيرية لتدشين العريضة الشعبية، وما تلته من تحويلها إلى عريضة جمعيات، ومن ثم فإن في تخليها عن مظاهرة الأمس كان يعني فقدها ما تبقى من ماء وجهها أمام جمهورها، ولعله كان يمكن للحكومة أن تخاطب "الوفاق" قبل وقت كاف للتفاهم بشأن الموضوع، وخصوصا أن الطرف المعتدل هو الذي يقود التظاهرة هذه المرة، لأهداف ربما تعود في جانب منها إلى التنافس بين أجنحة "الوفاق".
لاقى قرار "الوفاق" انتقادات داخل أطرها، وفي التحالف الرباعي وأمانة المؤتمر الدستوري، ولم يكن الاعتراض ضد مبدأ تحريك الورقة الشعبية، وإنما كون القرار لم يتح له النقاش بالقدر الكافي، وكأن القائمين على التظاهرة راغبين في حرق هذه الورقة كما سبق وأضرورا بورقة العريضة، وأوراقا أخرى حين لم يتم التحضير الجيد لها.
لقد نجحت "الوفاق" تنظيميا في تسيير التظاهرة الدستورية، وهذا غير كاف للحديث عن النجاح
العدد 932 - الجمعة 25 مارس 2005م الموافق 14 صفر 1426هـ