تحظى البحرين بتاريخ نضالي طويل مقارنة بدول الخليج الاخرى وقد تعود أهم الأسباب الى انتشار التعليم بشكل مبكر للمرأة والرجل كليهما. .. وهو عنصر مهم ساهم بدوره في تطور الحركة الاجتماعية والسياسية والمطلبية داخل البلاد.
لكن في الوقت نفسه نجد جمهورا كبيرا من الاجيال الشابة، وحتى من بعض رموز التيارات السياسية الاخرى تغفل تاريخ الاوائل من البحرينيين وصناع تاريخه وخصوصا فيما يتعلق بالعمل السياسي الحزبي، وان لم يكن مصطلح الحزب متداولا رسميا حتى مع مرحلة الانفتاح الحالية التي فضلت تداول مصطلح جمعية.
وما يحز في النفس هو تجاهل او استخفاف البعض بتاريخ هؤلاء من مناضلي البحرين الذين هم كثر، وليسوا وليدي انتفاضة التسعينات او كما يحلو للبعض ان يشير الى هذه الفترة على الدوام و كأن النضال البحريني قد بدأ بها فقط.
فالتاريخ النضالي طويل فقد بدأ منذ عشرينات القرن الماضي ومرت البحرين بمراحل كثيرة ساهمت في تطور الحركة الوطنية البحرينية التي أبرزت فيما بعد مرحلة جديدة من العمل السياسي المنظم، وذلك بعد تصفية حركة هيئة الاتحاد الوطني من قبل السلطات البريطانية.
وكانت تلك نقطة البداية لتأسيس اول حزب سياسي يطلق بشكل سري في البحرين والخليج، المعروف باسم جبهة التحرير الوطني البحرانية في فبراير/ شباط .1955
وللذين لا يعرفون الكثير عن تاريخ "الجبهة" وللامانة التاريخية فقد كانت اول قوى سياسية مطلبية منظمة تشكلت بل وسعت لاكساب النضال الوطني ضد الهيمنة البريطانية بعدا اجتماعيا وذلك من خلال تبني قضايا الطبقة الكادحة اذ لعبت دورا رئيسيا في قيادة انتفاضة مارس/ آذار العمالية في العام 1965 أي بعد ان سرحت شركة النفط "بابكو" مئات المواطنين والذين عمت مظاهراتهم آنذاك شتى مدن وقرى البلاد.
وامس الاول احتفلت "الجبهة" وانصارها باليوبيل الذهبي على تأسيسها اذ كرم مؤسساها المناضلان علي دويغر واحمد الذوادي، اضافة الى عوائل الشهداء في احتفالية كبرى حضرها جمهور غفير.
هذه الاحتفالية وهذه الذكرى ما هي الا شاهد على ما افرزته حقبة مهمة من تاريخ النضال في البحرين فهي تحية معنوية جاءت من القلب لمن افنوا زهرة شبابهم في السجون والمنافي الى الحرمان من العمل والسفر والتضيق في حياتهم المعيشية والخاصة، ولاقوا مقابل ذلك جميع صنوف القهر والاضطهاد من قبل اجهزة الاستخبارات المحلية التي مارستها عليهم وعلى نساء "الجبهة".
لقد صمد الكثيرون والكثيرات... قد نعرفهم ... وقد لا نعرفهم... قد نذكرهم... وقد لا نذكرهم... لكن لا يمكن لاحد الغاءهم او مسحهم من تاريخ النضال البحريني الذي هو سيبقى يذكر الاجيال بما صنعه هؤلاء والى ما وصلت اليه البحرين من حال هي عليه الآن...
ويكفي ان نقول انه لا يخلو اي بيت بحريني من مناضل او منفي او معذب في تاريخه... وعلينا أن نتذكر هؤلاء جميعا من دون استثناء وما خلفته الحقبة السابقة من آلام واوجاع التي لايزال الجميع يتذكرها... فمرة اخرى تحية لجميع مناضلي وشهداء هذا البلد
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 932 - الجمعة 25 مارس 2005م الموافق 14 صفر 1426هـ