العدد 930 - الأربعاء 23 مارس 2005م الموافق 12 صفر 1426هـ

المثقف المسئول والكلونيا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا أخفي عليكم أن المنهج الوسطي هو أصعب منهج عشته أو اقتربت منه فهو بمثابة المشي على حد السكين. .. ذلك أن عالم اليوم لا يقبل إلا بالتطرف إما إلى أقصى اليمين أو إلى أقصى الشمال، وقليل من يقبل أن تنصفه في إيجابياته وتنتقده في أخطائه بكل محبة وخصوصا في مجتمعاتنا الشرقية. كشخص وكثقافة أكره المكياج الصحافي للأخطاء أيا تكن، فالمكياج الكثير مهنة الممثلات ومذيعات التلفزيون وكثير من مثقفينا قبلوا أن يمارسوا مهنة وضع المكياج، وهذا خطأ. وأنت في خيار إما أن تقبل به أو أن ترضى بأن ينشر لحمك بين أسنان الصحافة، يوما يجعل من كتابتك خروفا يأكله المسئولون وتارة تنضج لصالح مائدة هنا أو هناك. أضحكني الإخوة للمرة الثانية في أن النشرة ليست للجمعية السياسية بل للجمعية الدينية... أي الجناح الديني وليس السياسي! بعبارة أخرى "قمبر أخو هلال". ما أحب أن أقوله: يجب أن نعمل لأجل الوطن وأن نرسخ العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين في الوظيفة والمسكن، وهذا ما نسعى إليه. وكل صورة نمطية غير مسئولة لا يمكن أن نستقبلها بالقبلات وتعبيد طريقها بالورد والياسمين... العالم تغير وليس من الإنصاف لأنفسنا أن ننشغل - وفي الوقت الذي يفكر فيه الغرب في 2010 بغزو المريخ - بمناقشة سواقة المرأة للسيارة أو مشاركتها في البرلمان وما إلى ذلك!

سؤالي هنا، لماذا اليهود سيطروا على القرار في الولايات المتحدة على رغم أن عدد المسلمين يفوقهم كثيرا؟ لأننا - نحن المسلمين - مازلنا مسكونين بخلافات التاريخ... ليس من حق أحد فرض ثقافته على الكفار في بلدانهم فضلا عن المسلمين "لا إكراه في الدين" "البقرة: 256" فلنترك لكل إنسان خصوصيته الفكرية.

في أميركا يوجد 6 ملايين مسلم و200 ألف مشروع عند المسلمين و1500 مسجد و85 نشرة و165 مدرسة و425 رابطة وعلى رغم ذلك هم ضعاف... على العكس، مازال تعاطينا مع العالم والمحيط بعقلية ماضوية... المشكلة أننا ندعي أن دماءنا زرقاء اللون ولا نلتفت إلى مشكلاتنا وأخطائنا. كل شخص يريد أن يبني بلده على طريقته بعيدا عن التوافق والتعاون إلى أن نصل إلى نتيجة واضحة هي انهيار الجميع. هذه النرجسية السياسية ودعوى احتكار الجنة وعقدة تصحيح فقه الآخرين ستدخلنا في متاهات. الفكر الأحادي يجب أن يرفض... الفكر الإقصائي يجب ألا يفرض والفاشية تقتل الجميع... والأوطان تبنى بالتسامح، تبنى بعدم الاستفزاز، تبنى باحترام القواسم المشتركة لتتحول إلى آليات عملية وليس إلى مكياج رخيص يباع في الصحافة وسوق النحاسين.

أي خطاب يجب أن يدرس دراسة علمية قبل نشره، وعلى العقلاء في أي موقع أن يقولوا كلمتهم وخصوصا في ظل هذا الوضع المتأزم في المنطقة... حيث شبح العنف الذي بدأ يتسرب إلينا كلنا، ولنفكر كيف نستقطب أبناءنا لنرشدهم إلى الخير... الإنسان الذكي هو الذي لا يسقط في بئر السياسة ولا يحرق غابة ليقتل فأرا. والكاتب كي يكتب والمثقف كي يتحدث عن الشأن العام يجب أن يغسل يده بالصابون والكلونيا وخصوصا إذا كان يريد الحديث عن قضايا حساسة... التشدد لا يخدم أحدا ومن السهل أن يكون الإنسان متطرفا - في أي شيء - لأن التطرف لا يحتاج إلى عقل ولا عصف ذهني ولا حس بالمسئولية ولا توازن... "اخبط وامشي". الصهاينة وبعض المستشرقين عملوا على تشويه الإسلام في الغرب، لكن ألا تعتقدون أن أمراضنا العربية وصلت إلى الغرب الذي ساعدنا على إكمال الصورة باختلافاتنا، بتكفير بعضنا؟

لقد اختفت صورة اليهودي البخيل الشره، والإيرلندي السكير، والهندي المتوحش، والسوفياتي القاسي، والإيطالي المجرم في عصابات المافيا، والآسيوي الأصفر الذي يحترف القتل وتجارة الأفيون، وحلت مكانها في السينما والدراما الأميركية صورة المسلم إلإرهابي.

السؤال: هل نستطيع أن نغير الصورة، أن نخترق - كمثقفين - المجتمع الأميركي والمجتمع الأوروبي لنصور لهم أن الإسلام دين الرحمة والتسامح، "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" "الحجرات: 13"، ونحن مازلنا نختلف على "غسل أو مسح القدم حتى لم يعد لنا موطئ قدم"؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 930 - الأربعاء 23 مارس 2005م الموافق 12 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً