نأمل في مقال اليوم الجواب على السؤال الآتي: هل بمقدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التغلب على الرسوم المفروضة ضمن مشروع إصلاح سوق العمل؟ وكنا قد أشرنا في مقالنا السابق أن الخطة تقتضي أن تتحمل الشركات كلفة توظيف كل عامل أجنبي على النحو الآتي: 35 دينارا شهريا في العام 2006 و 50 دينارا شهريا في العام 2007 ومن ثم 75 دينارا شهريا في العام 2008 وأخيرا 100 دينار شهريا من العام . 2009
نعتقد أنه بمقدور الشركات التكيف على الأقل على المدى المتوسط، وفي هذه العجالة نرغب في تسجيل التقاط الآتية:
أولا: المؤكد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي بدورها تعتمد فقط على العمالة الأجنبية غير الماهرة محورا أساسيا في معاملاتها ستعاني الأمرين. ربما المطلوب من هذه المؤسسات قبول أحد الخيارات الآتية: 1" تحسين الإنتاجية أو 2" رفع أسعار سلعها وخدماتها للمستهلكين أو 3" القبول بربحية أقل. أما بخصوص مقترح تحويل الكلفة الإضافية للمشترين فيلاحظ أن مشروع إصلاح سوق العمل أقر بحدوث ارتفاع محدود في معدل التضخم. ربما حان الأوان لدفع الأسعار الحقيقية لبعض السلع والخدمات خصوصا إذا كان الهدف يستحق التضحية. والمعروف أن الهدف الرئيسي لمشروع إصلاح سوق العمل هو القضاء على أخطر آفة اقتصادية تعاني منها البحرين وهي من دون شك البطالة. ربما لا يختلف اثنان على أن حصول كل مواطن على وظيفة ذات راتب يضمن له العيش الكريم سيساعد على إيجاد السلم الأهلي.
ثانيا: بمقدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة - التي تحتاج إلى العون - الحصول على مساعدات مالية من صندوق العمل "يتوقع أن يبلغ حجم إيرادات الصندوق 200 مليون دينار منذ العام 2009" إذ إن تقديم المساعدة للشركات يعد أحد استخدامات الصندوق. تحديدا يمكن للشركات الحصول على الدعم المادي لمساعدتها في تكييف أوضاعها نظرا إلى أنها ستدفع 600 دينار مرة واحدة كرسم دخول أو تجديد لكل عامل أجنبي "أما الرسوم الشهرية الأخرى فسترتفع تدريجيا". أيضا يهدف الصندوق إلى القيام بمبادرات وبرامج لمساعدة هذه المؤسسات التكيف مع الوضع الجديد ودفعها في التركيز على أنشطة ذات قيمة مضافة بشكل أفضل.
ثالثا: لا يمكن إغفال دور هيئة تنظيم سوق العمل التي بدورها ستراقب السوق وربما تقرر إجراء التغييرات اللازمة عند تنفيذ الرسوم إذا ارتأت أن ذلك يصب في مصلحة الاقتصاد "ولنا وقفة مع الهيئة في حلقة أخرى".
رابعا: لا يتوقع أن تستمر تداعيات رفع كلفة توظيف العمال الأجانب لفترة طويلة، إذ إن من صفات من يعملون في التجارة حسن التصرف أمام الشدائد والظروف العصيبة والعمل على التكيف مع الأوضاع المستجدة. بل ربما تدفع الأوضاع المستجدة ببعض الشركات بالتفكير بشكل جدي في دمج أعمالها تماما كما حدث ويحدث للشركات الكبرى على نطاق العالم. لاحظ على سبيل المثال الدمج بين شركتي "مرسيدس وكرايسلر في مجال صناعة السيارات" أو المؤسسات المالية "كما حدث في تجربة البنك الأهلي المتحد عندنا في البحرين".
خامسا: لا يتوقع أن تؤثر مسألة رفع كلفة العمالة الأجنبية على توظيف البحرينيين، لسبب بسيط وهو أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا توظف إلا نسبة محدودة من العمالة البحرينية "أقل من 10 في المئة في أحسن الأحوال" فضلا عن أنها سوف لن تكون ملزمة بتوظيف المواطنين بدءا من العام 2009 عندما يتم إلغاء مبدأ البحرنة.
باختصار، بمقدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التكيف مع الظروف الجديدة لكن بشرط التخطيط للمستقبل وترشيد المصروفات أينما وجدت الفرصة والإقرار بأن دوام الحال من المحال.
نأمل اللقاء مجددا يوم الاثنين لمناقشة السؤال الآتي: هل الفترة الانتقالية لتنفيذ مشروع إصلاح سوق العمل التي تمتد لثلاث سنوات واقعية؟
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 930 - الأربعاء 23 مارس 2005م الموافق 12 صفر 1426هـ