الدراسة الأميركية التي عرضت نتائجها وتوصياتها في اجتماع غرفة تجارة وصناعة البحرين يوم أمس الأول تطرقت الى مزايا فترة تمديد نظام الحصص "الكوتا" على الملابس الجاهزة بعد الغاء نظام الحصص مطلع هذا العام بعد تطبيقه على مدى عقود على صادرات الملابس الجاهزة الى الدول الصناعية، لافتة الى أن البحرين قد لا تتمكن، وحدها دون حماية، من الصمود أمام المصدرين الكبار الذين سيكتسحون الدول الصناعية بمنتجاتهم تدعمهم القدرة على الانتاج بكلفة تنافسية.
وتشير التقارير إلى أن الصين مثلا - التي تعتبر "غولا" يهدد مصدري الملابس الجاهزة - تنفرد بـحصة 28 في قطاع الملابس الجاهزة، كما أن صادراتها من هذه المنتجات الى الولايات المتحدة الأميركية مرشحة لتنفرد بـ 50 في المئة من اجمالي الواردات الأميركية من الملابس الجاهزة، اضافة الى توقع دخول الهند في مرتبة تالية على خط التنافس في سوق الملابس الجاهزة.
والمعروف أن دولا كثيرة كانت تعتبر نظام "الكوتا" مثل بنغلاديش وفيتنام وغيرها نعمة في السابق وهي تتحضر حاليا للتعامل مع مرحلة صعبة بعد زوال هذا النظام، بل ان مصر ساقت من بين مبرراتها عندما أبرمت اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة "QIZ" - الذي يسمح بتصدير المنتجات المصرية الى الولايات المتحدة الأميركية بشرط أن تشتمل على مدخلات اسرائيلية بنسبة 11,7 في المئة - الى أنها ستعوض بذلك خسارة نحو 150 ألف عامل من صناعة الملابس الجاهزة بعد الغاء نظام "الكوتا".
بالنسبة إلى البحرين تعادل الملابس الجاهزة 76 في المئة من اجمالي صادراتها الى الولايات المتحدة الأميركية وبلغت قيمتها في 2003 نحو 56 مليون دينار تعادل 3 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي للعام نفسه.
إلا أن فكرة حماية هذه الصناعة ليست بالضرورة من المزايا التي تستحق أن توضع في قائمة حسنات ابرام اتفاق التجارة الحرة إذ إن العرض البحريني من الملابس الجاهزة ليس بالضرورة أن يقابله طلب أميركي اذا ما كانت هناك بدائل أكثر جدوى في السوق العالمية.
من جانب ثان، إذا ما تحققت الحماية لهذه الصناعة لمدة 10 سنوات أخرى كما يطرح حاليا، فهل هذه الصناعة تندرج ضمن الصناعات التي تتطلع البحرين الى تنميتها، مستندة الى أنها توظف أكثر من 3000 مواطن ومواطنة بما يعادل عدد العاملين في الصناعة النفطية، كما أن صادراتها تعادل 50 في المئة من الصادرات غير النفطية؟ فعلى الجانب الآخر تعتبر صناعة الملابس الجاهزة في البحرين من أقل الصناعات مردودا بالنسبة إلى العاملين فيها اذ يبلغ متوسط الأجور فيها نحو 80 دينارا كما أن المعروف أن هذه الصناعة التي تشغل نسبة عالية من البحرينيين تعاني من ظروف عمل غير مقبولة وفق المعايير التي تفرضها الالتزامات العالمية وخصوصا فيما يتعلق بساعات العمل، وهي من جانب آخر لا تتماشى مع الخطط والتوجهات الاصلاحية الاقتصادية التي تسعى الى جذب التقنية الصناعية العالية والرامية في نهاية المطاف الى رفع مستوى دخول الأفراد والتنافس بمعايير الجودة وليس انخفاض الكلفة البشرية التي تتميز بها صناعة الملابس الجاهزة.
ولذلك فإن ما تتوقعه الدراسة الأميركية التي كانت تبحث في تعظيم الاستفادة للقطاعات ذات القدرات المرتقبة يبدو صعب المنال في قطاع الملابس الجاهزة في ظل كل هذه المعطيات المحلية والعالمية التي تؤثر بشكل مباشر في مستقبل الصناعة التي يبلغ عمرها في البحرين ثلاثة عقود. مع ذلك فإن المجال يبقى مفتوحا لهذه الصناعة اذا ما قررت التخلي عن التنافس على "الخطوط الدنيا" من المنتجات والاتجاه الى رفع مستوى المنتجات وكذلك استهداف فئات مختلفة من المستهلكين
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 929 - الثلثاء 22 مارس 2005م الموافق 11 صفر 1426هـ