دعوة "جمعية الوفاق" إلى مسيرة في سترة قد ينظر إليها على أساس أنها حق لأية جماعة في أن تعبر عن رأيها بطريقة سلمية ورفع الشعارات وتنشيط الشارع السياسي تجاه هدف مطلبي. .. هذه النظرة مقبولة ولا خلاف على حق أي فرد أو مجموعة في أن تعبر عن رأيها. ولكن الإشكال يكمن في قراءة الحوادث وطريقة تحريك الجو السياسي تجاه هذا المطلب أو ذاك، في ظل المتغيرات الحالية.
إن الدعوة إلى التظاهر السلمي يجب أن تتناغم مع قراءة أكثر وضوحا لمجريات الأمور لكي لا تضيع الجهود سدى، ولكي لا يفهم التحرك بشكل خاطئ. فالبحرين تعيش في أجواء ما يدور حولنا في المنطقة من تهديدات تستهدف حياة الأبرياء، وما حدث أمس في إحدى المدارس البحرينية الخاصة يعطينا مؤشرا إلى نوع المخاطر المحيطة بنا. فقد أدى تسلم إدارة المدرسة بريدا الكترونيا يهددها إلى إعلان حال الطوارئ في جميع المدارس الخاصة وفي عدد من المناطق في البلاد تحرزا لأي نشاط إرهابي مشبوه.
لقد كان رد فعل الفعاليات الاجتماعية في دول الجوار هو خروج مسيرات تتحدى أعمال الإرهابيين وتعلن الإدانة لهم... لأن الأعمال الإجرامية التي تستهدف الأبرياء إنما تستهدف الوطن بكامله. وعندما خرج الشعب اللبناني كان أساسا لتحدي منطق التهديد وإعادة بلادهم إلى حال الرعب والعنف.
البعض يطرح أن وضعنا لا يختلف عن الوضع اللبناني من ناحية حق المجتمع في التعبير عن إرادته، ولكن هذه قراءة خاطئة ولا يمكن المقارنة بين لبنان والبحرين. ففي لبنان هناك قرار دولي "1559" وهناك تحركات من الوزن الثقيل بدأها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري الذي كان على اتصال مباشر ووثيق مع أهم القوى السياسية العالمية ومع أهم القوى الإقليمية الفاعلة وأهم القوى المحلية التي تمتلك الإمكانات الواسعة والشاملة لمختلف فئات المجتمع اللبناني. هذا ليس موجودا في البحرين ولا يمكن مقارنة وضعنا بأي شيء مثل ما يجري في أي بلد آخر حاليا. إن ما لدينا من هامش للحرية قد يتضرر إذا لم نلتفت إلى الأخطاء المحتملة في المقاربات المطروحة حاليا.
إن من حق الذين قاطعوا الانتخابات أن يعلنوا رأيهم مرة أخرى بالمقاطعة أو بالاستعداد للمشاركة إذا تحققت لهم هذه الخطوة أو تلك. كما أن من حق أية مجموعة أن تعبر عن استيائها للترتيبات الدستورية أو الشلل في العمل البرلماني أو انعدام العدالة في هذا المجال أو ذاك. لقد ذهبت المعارضة إلى جنيف وجلست بالقرب من اجتماعات لجنة مناهضة التمييز وطرحت ما لديها "وهو حقها"، وقامت الصحافة بتغطية جانب كبير مما دار، وهذا كله يعكس الحال الإيجابية في البحرين، والتي لو قورنت بما هو عليه الوضع في عدد من البلدان الأخرى لوجدنا أن ما لدينا أفضل منهم بمسافة غير قصيرة، وهذه حقيقة يعرفها الآخرون الذين يعيشون في تلك البلدان، كما يعرفها المراقبون.
وبناء على كل ما ذكر أعلاه، فإن الكثيرين بمن فيهم أعضاء أساسيون في "جمعية الوفاق" تحدثوا معي شخصيا، يودون لفت نظر الجمعية إلى نوعية البرامج التي تطرحها في هذه الفترة الحرجة لكي لا تؤدي بعض الأعمال هنا أو هناك، وإلى إرسال الرسالة الخاطئة في الوقت الذي قد يصبح وقتا ضائعا في المستقبل القريب فيما لو حدث أي مكروه لا سمح الله.
نشد على أيدي المعارضة المخلصة الى هذا الوطن ونأمل من الجميع الالتفات والحذر لكي لا يقع المكروه من غير قصد، ولكي لا نندم لاحقا أو يلوم بعضنا الآخر. ان النصيحة واجبة لنا وعلينا ... والصمت في وقت الشدة قد يكون من أكبر الاخطاء... والله من وراء القصد
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 929 - الثلثاء 22 مارس 2005م الموافق 11 صفر 1426هـ