وفي عنوان قرارات مجلس الأمن، ترفض أميركا تطبيق كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصراع العربي - الإسرائيلي لمصلحة الرفض الإسرائيلي، وتضغط على القرار المرتبط بالواقع العربي في سورية ولبنان من خلال القرار 1559 لحساب الأمن الإسرائيلي، ولاسيما فيما يختص بموضوع سلاح المقاومة وسلاح المخيمات.
إننا لا ننطلق في معارضتنا للسياسة الأميركية من موقع عقدة ضدها، ولكننا ننطلق من الالتزام الأميركي المطلق بـ "إسرائيل" ضد الشعوب العربية والإسلامية، وحركتها لإضعاف كل مواقع القوة عندنا لحساب "إسرائيل". ولذلك، فإن موقفنا هو موقف الدفاع عن النفس وليس العدوان.
إن أميركا تتحدث عن الحريات التي تخنقها في واقع المستضعفين، وتتحدث عن الديمقراطية لحماية أكثر من دكتاتورية في العالم، وتطبق بقوتها الهائلة لإثارة الخوف في حياة الضعفاء... ولذلك، فإن الشعوب المستضعفة تختزن في داخلها الكراهية لأميركا، والرفض لمشروعاتها، ولن تستطيع أميركا تغيير صورتها في هذا العالم إلا بتغيير سياستها الاستكبارية في مصادرة قضايا المستضعفين. إننا ندعو الجميع في لبنان والمنطقة الى دراسة ما يجري في العالم بدقة، ولاسيما الضغوط الأميركية المتزايدة على لبنان وسورية وإيران، إذ يراد للمنطقة إلقاء سلاحها والسقوط تحت ضغوط أميركا و"إسرائيل" . كما ندعو العالم الإسلامي الى متابعة الخطة التي يرسمها اليهود لاجتياح الحرم القدسي بما يصل إلى مئة ألف شخص، في عملية استيلاء على مقدساتنا من دون أن نجد أي استنكار أميركي أو أوروبي لهذا العدوان على المقدسات الإسلامية ما يهدد المستقبل الإسلامي هناك. ولانزال نتابع الساحة العراقية التي قد تنذر بتقسيم البلد تحت عنوان الفيدرالية الذي يلفه الغموض والذي يدور الجدل فيه حول محافظة هنا وهناك في تبعيتها للمنطقة الكردية، وبشأن دخول الجيش العراقي الى المنطقة، ما يوحي بأن هناك دولة كردية شبه مستقلة في العراق باسم الفيدرالية التي تلبس قناع التقسيم، الأمر الذي نحذر فيه العراقيين من هذه اللعبة التي تديرها أميركا و"إسرائيل" في خطة تقسيم العراق تحت ستار الوحدة... إن مسئولية الجمعية الوطنية هي حماية وحدة العراق من أية خطة تقسيمية، لأن ذلك سيدمر العراق كله. أما لبنان، فلايزال التجاذب السياسي في الخطاب الانفعالي وفي الشارع الشعاراتي يحكم ساحة الصراع تحت عناوين التكاثر العددي في عملية عرض للقوة في هذا الموقع أو ذاك لصنع لبنان الجديد السيد الحر المستقل وفي اتهامات يطلقها فريق ضد فريق. والسؤال: ما هي صورة المستقبل لهذا البلد، ومن هم الذين يحكمونه ممن يحملون خشبة الإنقاذ، وهل يبحث القائمون على شئون التغيير عن الذين عاثوا في البلد فسادا ممن كان الناس يحملونهم مسئولية الهدر والفساد من المعارضة والموالاة أو أن الصراخ السياسي يحجب الأصوات الباحثة عن الحقيقة في خراب البلد على صعيد الداخل والخارج؟ إن لبنان بحاجة الى عقل يدرس القضايا الكبرى التي يختلف عليها اللبنانيون، والى حوار حول وجهات النظر المتنوعة من دون شروط وإلى بلورة الصورة الحقيقية الواضحة التي ينطلق بها هذا الفريق أو ذاك في الحل للمشكلات التي يتخبط بها، ولاسيما أن الناس الذين هم أصحاب المصلحة في البلد لايزالون يتخبطون في ضباب يمنع وضوح الرؤية.
إن التكاذب والتخادع لن ينقذ وطنا ولن يصل بالناس فيه إلى نتيجة حاسمة، وإن الخطر الذي يحيط بالبلد من خلال التوتر السياسي، ولاسيما على مستوى الشارع وعلى طريقة "حوار الطرشان" سيسقط الواقع كله على الصعيد النقدي و الخدمات الحيوية التي صادرتها الحكومات السابقة. إننا نقول للجميع: لا تحدقوا بموقع المعارضة هنا والموالاة هناك ليسجل أحدكم نقطة على الآخر، ولكن حدقوا في الدولة والمواطنين وبمستقبل الأجيال... إن الحرية هي روح هذا البلد، ولكن هناك فرقا بين الذين يتاجرون باسمها وبين الذين يصنعون قيمها الإنسانية... إن الناس يخافون من نتائج اللعبة، ويريدون من القائمين على الواقع أن يتحركوا بمسئولية بما يحقق الأمن للوطن كله في انتظار المستقبل، بالأفعال لا بالأقوال
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 926 - السبت 19 مارس 2005م الموافق 08 صفر 1426هـ