العدد 926 - السبت 19 مارس 2005م الموافق 08 صفر 1426هـ

حزب الله... وخياراته الصعبة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

مسألة حزب الله تطرح بقوة على الساحة اللبنانية. فالموضوع الذي تتداوله القوى السياسية في سياقات محلية بدأ ينتقل إلى مراتب أعلى وأخذت الولايات المتحدة "بدفع من "إسرائيل"" تعتبره من البنود المهمة في سياستها المقبلة. كذلك بدأ الاتحاد الأوروبي يتداول المسألة على مختلف المستويات مشيرا إلى قدراته العسكرية وغيرها من جوانب لها صلة بالإعلام ومحطة "المنار" "يقطع إرسالها بدءا من الغد في أوروبا".

مسألة الحزب نقطة مهمة في السجال المحلي والإقليمي والدولي. و"إسرائيل" تعتبره المسألة الأخطر في جدول أعمالها أو في تلك الفقرات التي نص عليها القرار الدولي .1559 فحكومة ارييل شارون ترى أحيانا أن تفكيك حزب الله ومصادرة أسلحته وحتى شطبه من المعادلة الداخلية أهم من موضوع انسحاب القوات السورية من لبنان.

مسألة حزب الله، وخصوصا بعد القرار الاستراتيجي الذي اتخذته سورية بسحب قواتها على مراحل زمنية، تحولت فجأة إلى نقطة حساسة على رأس جدول أعمال القوى المعنية بالشأن اللبناني. وأخطر ما في المسألة هو احتمال نجاح الولايات المتحدة، بدعم من "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، في تدويل موضوع الحزب. والتدويل يعني أن حل المشكلة لم يعد مسألة لبنانية موضوعة بتصرف الدولة والقوى السياسية المحلية. وهذا موضوع خطير في حال نجحت واشنطن في تمريره بغطاء أوروبي - إسرائيلي.

منع تدويل قضية حزب الله مهم وهذا يتطلب من قيادته والدولة والاحزاب التعاون على ايجاد صيغة قانونية تعطل مثل هذا الاحتمال. والصيغة صعبة ولكن إذا وجدت النوايا الطيبة والحرص المشترك والمبادرة الشجاعة من قيادة الحزب فإن القدرة على ابتكار الوسائل المقنعة ليست مستحيلة.

الخيارات المطروحة أمام الحزب صعبة كلها إذا نظر إليها من زاوية مبدئية. فكل الخيارات التي طرحت من جهات مختلفة تتعارض من ناحية الجوهر مع المهمة الأساسية التي انتدب الحزب نفسه لها وبسببها نهض وتشكل واستقر سياسيا. وكل الخيارات التي عرضت بسياقات مختلفة لا تتفق في الجوهر مع النهج العقائدي الذي تميز به وبرر للحزب وجوده وأعطاه تلك الصفات الخاصة وأكسبه الاحترام.

خصوصية الموقع والدور ليست موضع نقاش بين الجهات اللبنانية المختلفة، إلا أن المتغيرات السياسية التي عصفت بالمنطقة وهبت أخيرا على البلد الصغير بعد قرار التمديد الرئاسي وصدور 1559 وما أعقبه من هزات سياسية تتوجت بزلزال اغتيال رفيق الحريري زادت من الضغوط الدولية على حزب الله دافعة بعض الأطراف المحلية إلى تقديم مقترحات براغماتية "سياسات مرنة" للحد من الخسائر المتوقعة.

هناك عروض كثيرة طرحت وهي في مجموعها سلبية أو على الأقل لا تتوافق مع خطه العقائدي العام. إلا أن تلك السلبيات ليست على درجة واحدة من السوء. فهناك السيئ وهناك الأسوأ وصولا إلى ذاك المطلب الإسرائيلي الذي لا يكتفي بتجريده من السلاح وتفكيكه بل يضغط باتجاه شطبه من المعادلة اللبنانية.

الخيار في النهاية عند قيادة حزب الله وهي الجهة الوحيدة القادرة على تحديد نسبة الخسائر أو توضيح موقفها من كل الآراء المعروضة لأن القيادة في النهاية هي المعنية مباشرة بالتعامل مع تلك الخيارات التي توزعت على المحاور الثلاثة الآتية: دمج قوات الحزب في الجيش اللبناني وتحوله إلى قوات رسمية. أو تسليم الحزب أسلحته للجيش وانتقاله إلى العمل السلمي كجمعية سياسية تشبه الكثير من الأحزاب اللبنانية. أو التفاوض مع الجهات الرسمية، بالتعاون مع الفعاليات المحلية، على تجميع الأسلحة في أمكنة "مستودعات" يتفق عليها والسماح لعناصر الحزب باستخدامها حين الشعور بوجود خطر أو وقوع عدوان إسرائيلي.

كل الخيارات صعبة وأية خطوة في هذا الاتجاه أو ذاك ليست سهلة. فالمعارضة اللبنانية غير متفقة عليها ولكنها في إطارها العام متوافقة على أهمية الحزب ودوره في بناء الدولة الحديثة والمشاركة في صوغ مستقبلها. وهناك فئة صغيرة جدا تتعاطى مع دور الحزب وموقعه في المعادلة اللبنانية المراد تأسيسها في الفترة المقبلة انطلاقا من عقد الماضي ومخاوف غير مبررة. وخارج هذه الفئة المحدودة والهامشية هناك ما يشبه الإجماع على رفض التدخل الأجنبي أو تدويل قضية الحزب. فالكل يجمع على حمايته والمحافظة عليه وتحصينه لبنانيا حتى يعطى فرصة أخرى في الدفاع عن هوية البلاد ضمن الحدود المعترف بها.

هذا على الأقل ما يمكن فهمه من التصريحات المتبادلة والمتداولة في هذا الشأن. وفي النهاية الكلمة الأخيرة للحزب، وهي كلمة صعبة إلا أن القيادة مطالبة بقولها قبل أن تنجح "إسرائيل" في تدويل الموضوع وسحبه من لبنان إلى الخارج

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 926 - السبت 19 مارس 2005م الموافق 08 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً