بدأت كل من الحكومة والمعارضة وقوى المجتمع المدني استعداداتها للعام ،2006 إذ ستشهد البحرين انتخابات بلدية وبرلمانية، على رغم اختلاف المواقف تجاه المشاركة أو المقاطعة. المشهد السياسي متداخل، ومتناقض أحيانا، وهو ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة إلى هذا الطرف الحكومي أو ذاك الطرف المعارض.
بدأت الحكومة استعداداتها من خلال السعي إلى تحييد موسم عاشوراء وغيره من المواسم الدينية التي تتخذ من المآتم منطلقا "هناك أكثر من ألف مأتم في البحرين" بهدف إبعادها عن التحشيد السياسي. لقد أرسلت الحكومة رسالتها بكل وضوح إلى الأطراف المعنية، وهي أن المساندة الرسمية للمواسم الدينية وفسح المجال أمام مختلف النشاطات التي اعتاد على إحيائها كثير من أهل البحرين لا يعني أن الحكومة ستغض الطرف عن إمكان تجيير هذا الموسم أو ذاك نحو النشاط السياسي "المؤذي" للحكومة. وعلى رغم أن ما طرحته الحكومة بشأن رفع الصور والأعلام - التي تحمل مدلولات سياسية خارجية ربما تؤثر على مجرى السياسة الداخلية - قد يجد بعض التعاطف مع من يسعى إلى "بحرنة" النشاط السياسي، فإن الطرح صاحبه بعض "التهويل" ما حدا بشخصيات دينية ذات ثقل اجتماعي، مثل السيدعبدالله الغريفي، إلى الدخول على الخط مباشرة لتهدئة الأمور وترشيد الساحة.
الحكومة، ممثلة بوزارة الشئون الاجتماعية، لديها حملة أخرى لإبعاد الصناديق الخيرية "نحو سبعين صندوقا ينتشرون في كل مكان" عن الدخول في معترك الانتخابات العام المقبل. فالصناديق في طليعة الهيئات المدنية المرتبطة بأكبر عدد من شرائح المجتمع، وتستطيع أن تلعب دورا تنمويا - كما هو حالها الآن - كما بإمكانها أن تدعم نشاطا سياسيا "فيما لو دخلت الساحة"، وقد كادت الحكومة أيام قانون أمن الدولة ان تقمع الصناديق الخيرية تحت شعار "تجفيف الينابيع" إلا أن كل تلك الحملات فشلت، لأن الصناديق أصبحت واحدة من أهم المؤسسات التي استطاعت أن تنقذ آلاف الأسر من الفقر، وقمعها كان يعني المزيد من البلاء الاجتماعي.
المعارضة بدأت تستعد أيضا، فالناشط عبدالرحمن النعيمي أعلن أنه قد يبتعد عن ترشيح نفسه لرئاسة جمعية العمل الوطني الديمقراطي، وهذا الحديث بحد ذاته يفسح المجال لطرح الأسماء البديلة وليبرز إبراهيم شريف كواحد منها. شريف يمكنه أن يناور سياسيا أكثر من النعيمي لأسباب موضوعية عدة، وهذا يفسح المجال للجمعية التي تقود جانبا مهما من الساحة السياسية المقاطعة نحو منطقة المشاركة فيما لو بدرت مؤشرات ايجابية "أو حتى نصف إيجابية" من قبل القيادة السياسية.
جمعية الوفاق أعلنت أمس الأول عن "برنامج سلمي" لطرح المطالب الدستورية، وأصرت "عند إعلانها عن البرنامج" على التأكيد أنها ستضبط المسيرة التي ستقودها وأنه لن يسمح لغير علم البحرين أن يرفع، كما لن يسمح بأي شعار تأجيجي. "الوفاق" يبدو أنها تتحدث أكثر عن مراجعة الأمر بالنسبة إلى صلاحية المجلس التشريعي وتمكين المنتخب من صلاحياته المتوقعة منه، وفي الوقت ذاته تقليل صلاحيات المعين. وهذا الخطاب ليس بعيدا عما يطرحه الكثيرون بمن فيهم نواب في المجلس الحالي.
أملنا في أن تتحرك الأمور إيجابيا قبل نهاية هذا العام بحيث تتقدم القيادة السياسية نحو خطوات تشجيعية، وتتراجع المعارضة عن خطوات تأجيجية، وبذلك يكون استعدادنا للعام 2006 أفضل مما هو الآن
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 926 - السبت 19 مارس 2005م الموافق 08 صفر 1426هـ