شاركت جمعية مراقبة حقوق الإنسان التي يتصدرها عضو مجلس الشورى فيصل فولاذ مع الوفد الحكومي أثناء عرضه تقريره أمام اللجنة الدولية المختصة باتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في جنيف أخيرا.
أثيرت وستثار الكثير من علامات الاستفهام / الاستنكار بشأن تبني منظمة حقوقية - جمعية المراقبة - للرأي الحكومي على الملأ، إذ من المفترض أن تكون غير حكومية ومستقلة، كونها معنية بمراقبة "انتهاكات حقوق الإنسان" لا الدفاع عنها علنا وأمام المحافل الدولية.
يبدو ان الجمعية ورطت نفسها كثيرا بالمشاركة مع الوفد الحكومي من حيث لا تعلم، بل وورطت الحكومة معها أيضا، إذ إنها لم تقم بدورها بتحسين صورة الحكومة وخوض حملة علاقات عامة ناجحة لصالحها، فهي محسوبة عليها الآن. لو كنت قريبة من الجهاز الرسمي، ولو تبدلت الأوضاع وأصبحت مكان جمعية المراقبة لشاركت مع الوفد غير الحكومي ولقدمت تقريرا موازيا ينتقد ممارسة الحكومة التمييز على استحياء ولجملت بمساحيق سحرية "غير مرئية" صورة الحكومة في الوقت ذاته، ولعرضت تقريرا "يجرح ويداوي" لأن ذلك يصب بالدرجة الأساس في صالح الحكومة، أما المشاركة معها - في الوفد نفسه - والدفاع عنها بهذا الشكل، فإنه يحطم استقلالية الجمعية وتأثيرها وتحقيق هدفها!
بدا أداء الجمعية لطيفا مع الحكومة منذ البداية، فقد دعت في حفل إشهارها إلى إلغاء القوانين المقيدة للحريات كقانون العقوبات الصادر العام ،1976 وقانون الصحافة والنشر، ودعت إلى الانضمام إلى العهدين الدوليين "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، إلا انها لم تنبس ببنت شفة بشأن قانون 56 الذي يساوي بين الضحية والجلاد، ولم تتطرق لا من بعيد ولا من قريب إلى استقلال السلطة القضائية، وتجنبت إصدار بيانات منددة بإيقاف مشرفي "بحرين اون لاين" - وذلك أضعف الإيمان - مقابل إصدارها بيانا تستنكر فيه الهجوم على إحدى الكاتبات! عوضا عن ذلك فإنها دافعت عن التمييز الطائفي والمثبت بالأرقام والإحصاءات "شاهر ظاهر" في جنيف!
ظاهرة المنظمات غير الحكومية "الحكومية" منتشرة بشكل لافت في الوطن العربي، وكثيرا ما تلجأ الأنظمة لتلك المنظمات لإضفاء شرعية على أدائها وللافتخار بها وبعددها! فضلا عن بعض الأنظمة التي تسعى أحيانا لاختراق المنظمات غير الحكومية الحقيقية لتؤثر فيها.
كان من المؤمل أن تشكك جمعية المراقبة في أداء الحكومة وأن تكون كيانا مستقلا مراقبا، وأن تطرح الأسئلة الرقابية، لا أن تحاسب وتراقب بقوة! وكأن جمعية المراقبة بحاجة إلى مراقبة
العدد 925 - الجمعة 18 مارس 2005م الموافق 07 صفر 1426هـ