عندما قرأت بيان جمعية الأصالة الأخير وصورة الانفعال الكبير والخوف والهلع على الوطن شكرت الله ولا أخفيكم أني كلما قرأت حال "النفرة" والصراخ في الصحافة البحرينية من خدش للخدود والجزع على الوطن وجز الشعور والتمرغ في التراب مخافة ضياع الوطن، أقول كلما قرأت ذلك شكرت الله وقلت في نفسي الدنيا مازالت بخير أن هيأ لها كتبة وكاتبات ومؤسسات دموعهم جاهزة للبكاء على الوطن وحاضرون لذرف الدموع، لكن وفي ظل كل هذا الشكر وهذا الرضا من هذه البكائيات الخنسائية ينتابني نوع من الريب. وإلا لماذا النخوة الكبرى التي مازالت تذكرنا بهيجان "تسونامي" لا تتحرك الا هنا فقط... على كل حال لا يسقط الميسور بالمعسور لكني هنا أحب أن أطرح أسئلة على جمعية الأصالة تحديدا وبعض الكتبة هنا وهناك:

- أين هي فزعتكم تجاه ملف الفساد الذي أكل البلاد طولا بعرض فلم تبق مؤسسة الا وتشتكي من ذلك؟ أليس الرسول "ص" كان يأمرنا نحن "دعاة الله" و"شرطة المجتمع" و"ورثة الأنبياء" بنقد ظواهر الفساد المالي والإداري؟ أين هي المواقف من استقطاع الأراضي هنا وهناك؟ أين هي فزعتكم تجاه ملف التأمينات والتقاعد، بنك الإسكان، الأوقاف وتقرير ديوان الرقابة عن كلتا الإدارتين السنية والشيعية؟ لم نر بيانا واحدا ولا تصريحا واحدا ولا أية دمعة ذرفت في ذلك؟

أين موقفكم من ملف خليج توبلي؟ أين موقفكم من استملاك البحر؟ أين موقفكم من قانون الصحافة؟ أين بياناتكم عن فقر المجتمع؟

دعونا من كل ذلك... أين انتم يا جمعية الأصالة عندما اعتقل مواطنون وألقوا في سجون غوانتنامو؟

لقد ذكرتم في بيانكم ان هناك خوفا وهذا كلام جميل ونتفق معكم عليه... وهنا أدعوكم لنتحاور ونجلس مع السلطة لنريها الأدبيات هل تقبلون هذا العرض وأعرض بين يدي السلطة كل الأدبيات التي تطرح في جمعيتكم إضافة إلى أشرطة الكاسيت وأشرطة بعض الخطباء أو الأعضاء المنتمين إلى الجمعية وليكن الحكم لكم في ذلك ولنر وزارة الشئون الإسلامية أدبيات الجمعية. الانسان يجب ألا ينظر بعين واحدة وأي خطأ يرد من أية فئة يجب ألا يعمم على الجميع ويجب ان يصحح بأسلوب الحوار وقنواته وليس عبر الاستفزاز فقد انتهى زمن دس الرؤوس في الرمال، وان يحكم على الانسان بالاعدام أهون ألف مرة من ان يشكك في وطنيته أو يخون في دينه، وهذه المهازل التي حدثت طيلة الثلاثين عاما التي مرت من السب والشتم اليومي في الصحافة لن تعود ولا ينتظرن أحد ان نستقبلها مطأطئين الرأس... لا، فالزمن تغير ودوام الحال من المحال ولن نسمح لأي أحد ان يتطاول على دين او عقيدة أو امة بكاملها فيهدد الوحدة الوطنية. لقد انتهى زمن الشوفينيات وزمن التعصبات الاثنية والرؤى النمطية والتحقيرية ومازلنا مؤدبين في الرد على المقالات. أما اذا كان هناك من يهدف من هذه الزوبعات صد أي صوت ينادي بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في البلد ليبقى هذا الملف مخبأ في الأدراج يحرم الاقتراب منه خوفا من ضياع الامتيازات ومن تقاسم كعكة التوظيف ليكون بالتساوي وبكل حيادية فهو واهم، فالبحرين لا تطير الا بجناحين والوطن يقوم على الشراكة. العالم تغير يا جمعية الأصالة وأصبح قرية كونية واحدة والمستقبل لبناء دولة الإنسان ودولة التعدد.

ففي السعودية أصبحت هناك انتخابات بلدية قد تولد انتخابات برلمانية، وفي الكويت المرأة داخلة في التشكيلة والديمقراطية في ازدياد والعراق آخذ في التغير ودخل مرحلة الديمقراطية، ولبنان في الطريق وحماس والجهاد ستدخلان الانتخابات البرلمانية هذه المرة والفضائيات أصبحت في ازدياد تسمع فيها كل الآراء على تناقضاتها وهي مؤشرات يجب ان تفهم جيدا. فالوحدة الوطنية هي الخيار ودعوات التعايش والقبول بالآخر هي الأسلوب الأمثل لبناء الأوطان ولا اكراه في الدين ولغة تخوين النصارى ليست صحيحة فالمسيحيون هم جزء من هذا العالم فيجب ان نعلم أبناءنا الحب الانساني. اسمحوا يا جمعية الاصالة لهذه الدروس فقد تشبعت ايضا من دروس الوعظ في خطابكم الأخير والبيان الذي طرحتموه.

وأخيرا أقول هنا كلمة... لقد تم عرض بيان الاصالة على أكثر من صحيفة فلم تقبل نشره ولا أعلم كيف وافقت صحيفة محلية على نشره؟ هذا ومجلس الغريفي مازال يحتفظ بدفء لقاء وزير الداخلية فوزير الداخلية يبادر مبادرات حميمية للوحدة وصحيفة تنشر البيان