يناقش هذا المقال المبادرات الأولية المقترحة لتنشيط مشروع الإصلاحات الاقتصادية. وكنا ناقشنا في الأسبوع الماضي أهداف مشروع الإصلاحات الاقتصادية والتي تتمثل في 1- رفع متوسط دخل الفرد و2- مضاعفة نمو الناتج المحلي الإجمالي و3- تحقيق ارتفاع في إنتاجية العمالة و4- زيادة أهمية الاستثمارات في الاقتصاد و5- تسجيل نمو في عدد الوظائف الجديدة.
ولغرض تحقيق هذه الأهداف الخمسة تبنى كل من ديوان ولي العهد ومجلس التنمية الاقتصادية وهما الجهتان الراعيتان للمشروع تسع مبادرات لتفعيل عملية الإصلاحات الاقتصادية. تتمثل المبادرات في 1- فك الاختناق في المشروعات البارزة و2- تأسيس شركة قابضة لإدارة أصول الحكومة و3- بيع العقارات المطلة على الشاطئ و4- تنفيذ مخطط عمراني متكامل للبحرين 5- تبسيط إجراءات تأسيس المشروعات التجارية و6- إجراء مسابقة سنوية لخطط العمل المتميزة و7- تأسيس مجلس مؤشرات الأداء و8- زيادة رأس مال بنك البحرين للتنمية و9- توزيع ودائع الحكومة على مختلف البنوك التجارية. تناقش السطور التالية هذه المبادرات باختصار.
أولا: فك الاختناق في المشروعات
يرى القائمون على المشروع على ضرورة تأسيس نظام للإسراع في تنفيذ المشروعات الرائدة ذات الأولية والتي بدورها تعاني من تأخير داخل النظام الإجرائي. وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى تأخير تمويل تحديث وتطوير مصفاة "بابكو" إذ استغرقت عملية الحصول على التمويل اللازم قرابة ست سنوات. وذكرت تقارير صحافية أن عدم وضوح دور الحكومة فيما يخص ضمان القرض أو عدمه ساهم في تأخير التوقيع على العقد. وتبين في نهاية المطاف أن شركة "بابكو" حصلت على التمويل باستخدام أصولها كضمان للقرض والذي فاق قيمته المليار دولار أميركي. المعروف أن القطاع النفطي حيوي بالنسبة لاقتصاد البحرين إذ يمثل دخل النفط نحو ثلثي إيرادات الحكومة وثلاثة أرباع الصادرات. كما أن عملية تحديث المصفاة مهمة حتى يكون بمقدور "بابكو" إنتاج سلع نفطية تتناسب ومتطلبات السلامة البيئية في دول العالم.
ثانيا: تأسيس شركة قابضة لإدارة أصول الحكومة
يعتبر موضوع تأسيس شركة قابضة أمرا حيويا لضمان الاستخدام الصحيح أو الأمثل للثروات المحدودة للبلاد. ويبدو أن الحكومة اتخذت الخطوات الأولى وذلك بعد الكشف عن نية لتأسيس شركة سياحية تكون غالبية أسهمها مملوكة للقطاع الخاص بهدف إدارة المشروعات على أسس تجارية. ويتوقع أن تحول الحكومة للشركة المزمع تأسيسها أصولها في مختلف المشروعات السياحية بما في ذلك حصتها في مشروعي العرين ودرة البحرين.
ثالثا: بيع العقارات المطلة على الشاطئ
تهدف هذه المبادرة إلى بيع العقارات المطلة على الشاطئ في مزاد علني حتى يتسنى لجميع الراغبين التقدم بعطاء تهم. المؤكد أن البحرين بحاجة ماسة لمشروعات مطلة على البحر حتى يتسنى تنشيط السياحة البحرية وخصوصا أن البحرين جزيرة تحيط بها المياه من كل اتجاه. لا شك نحن نتحدث عن السياحة البحرية التي تحترم قيم وتقاليد مجتمعنا.
رابعا: تنفيذ مخطط عمراني متكامل للبحرين
تتمثل هذه المبادرة بتنفيذ مخطط شامل للبلاد. حقيقة يكسب هذا الاقتراح أهميته بملاحظة توافر تخطيط منظم لـ 11 في المئة فقط من أراضي مملكة البحرين في الوقت الحاضر ما يعني أن يمكن تغيير مسارات وأوضاع 89 في المئة من الأراضي الأخرى. المؤكد أن هكذا وضع لا يرضي المستثمر إذ لا يعرف ما يمكن أن يؤول أليه مصير المنطقة التي اشترى فيها قطعة أرض إذ من الممكن أن يتم تأسيس محال تجارية بالقرب من منطقة سكنية أو حتى بنك فرع لبنك تجاري بالقرب من محل خدمة السيارات. حقيقة أنه لأمر مؤسف أن نرى العمران العشوائي في الكثير من مناطق البحرين. وربما يفسر النجاح الذي تم تحقيقه في مشروعي أمواج ودرة البحرين من حيث الطلب على العقارات على الأقل وجود مخطط واضح غير قابل للتغيير. والحال نفسه ينطبق على المنطقة التي شيدت فيها حلبة البحرين الدولية إذ من المقرر أن يقام مشروع العرين بقيمة 750 مليون دولار إذ يعود ملكيته لبيت التمويل الخليجي وحكومة البحرين "وقد كنا أشرنا سلفا إلى وجود رغبة لدى الحكومة لبيع لتحويل حصتها في المشروع للشركة الخاصة المزمع تأسيسها" كما يشمل المخطط إنشاء مجمع تجاري وفنادق.
خامسا: تبسيط إجراءات تأسيس المشروعات التجارية
يعتبر هذا الاقتراح حيويا خصوصا في ظل توجه الحكومة لمنح القطاع الخاص الدور المحوري في إدارة دفة الاقتصاد فضلا عن خطط استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. المطلوب هو إيجاد ثقافة في المؤسسات الرسمية تؤمن بضرورة مساعدة المستثمرين وتذليل جميع الصعاب أمامهم حتى يتسنى لهم المضي قدما في تنفيذ مشروعاتهم. فالمستثمرون يستحقون كل الدعم لسبب بسيط وهو استعدادهم للمخاطرة بالمال والجهد والوقت. وفي هذا الصدد لا بد من الإشادة بمشروع إقامة مركز لخدمة المستثمرين في مجمع السيف لكن المطلوب تقديم أكثر من ذلك لأن المهمة صعبة. فالبحرين بحاجة ماسة للاستثمارات المحلية والأجنبية حتى يمكن القضاء على أخطر عقبة اقتصادية تعاني منها البلاد وهي بلا شك البطالة والتي تبلغ نحو 16 في المئة في أوساط المواطنين. فتنشيط الدورة الاقتصادية ضرورية للمساهمة في القضاء على البطالة. ختاما نأمل تكملة مناقشتنا وتقييمنا للمبادرات يوم السبت المقبل
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 925 - الجمعة 18 مارس 2005م الموافق 07 صفر 1426هـ