تطرق عالم الدين الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته يوم أمس بجامع الإمام الصادق في الدراز إلى جملة من الأمور المتصلة بالشأن المحلي، بينما تطرق عدد من خطباء الجمعة الى الجوانب التربوية والاجتماعية.
وقد تناول قاسم مسألة المعونات الأميركية للجمعيات البحرينية وخصوصا النسائية والشبابية منها واعتبرها "تذويبا للهوية وتدخلا أجنبيا وإخلالا بمبادئ الولاء الديني والوطني والقومي".
الشيخ عيسى قاسم
وفي رد غير مباشر على تصريح وزير الداخلية قبل أسبوعين بشأن تجاوز بعض المنازل في مدينة حمد القوانين والنظم من خلال إقامة الشعائر فيها من دون إذن مسبق، اعتبر الشيخ عيسى قاسم أن "ذكر أهل البيت "ع" وهم الثقل الأصغر بعد القرآن الكريم، الذي هو الثقل الأكبر، مرهون به بقاء الإسلام، ولذلك كان أمرهم بإحياء ذكرهم. وبقي الشيعة أوفياء لدينهم بإحياء أمرهم، على أننا لاننزه الاجتهاد من الخطأ، ولا نقول إن كل ما قيل عنه إنه إحياء لأمرهم، فالشيعة أينما سكنوا أقاموا التعزية، وفي كل منزل من منازلهم مأتم، وهذا هو دينهم طوال التاريخ. فاشتراط إعطاء وحدة سكنية أن ينسى مقتضى من مقتضيات مذهبه الشريف من أبشع ألوان الظلم والسخرية والاستبداد".
واعتبر اقتراح هذا الأمر غريبا من أخ مسلم فاضل. وأضاف "وأما الشتم والسب لأزواج رسول الله "ص" ولصحابته الكرام فيشين مذهب أهل البيت "ع" ولن يرتكبه أحد من شيعتهم، وأين هذا الشيعي من قولهم بما معناه: كونوا زينا لنا ودعاة صامتين، ولا تكونوا شينا علينا".
وفي شأن محلي آخر اعتبر الشيخ عيسى قاسم "المساعدات الأميركية للجمعيات في الوسط النسائي والشبابي" أمرا مرفوضا، وفيه تذويب للهوية وفرض للإرادة الأجنبية، قائلا: "للمال الأميركي والخبرات الأميركية والصناعة الأميركية للإنسان حضور فاعل في أوساط من أوساط جمعيات شبابية ونسائية في الوطن العزيز".
وتساءل قاسم: "هل هذا لدعم الولاء الحضاري الإسلامي، لدعم الولاء الوطني أو القومي، أو التوجه الديمقراطي الحقيقي الذي يخدم شعوب الأمة؟ هذا المال، هذه الخبرات أليست على حد المال والخبرات التي دخلت العراق لتنصر، وتعلمن، وتعولم؟ أليست هذه الأموال والخبرات لصناعة ولاء أميركي أجنبي، وللتهويد والتنصير؟ ولمسخ الهوية؟ واستبدال الإنسان بإنسان آخر؟".
واستطرد بقوله: "سؤال لو سمحت السياسة: أميركا دولة أجنبية أم لا؟ فكيف يسمح لأموالها أن تصوغ الأوضاع العقلية والنفسية والإرادية لشبابنا وشاباتنا، وأن توجد التوجهات التي ترغبها في الأوساط الشبابية لهذا الوطن؟ كيف يسمح بصناعة هذا الولاء الأجنبي بكل المقاييس؟".
وعن الاقتراح بتخصيص أسبوع لإحياء ذكرى شهداء الوطن قال قاسم: "علم أن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تبنت إطلاقه على عدد من الفعاليات المتصلة بموضوع الشهداء الأبرار للوطن العزيز، وهو أسبوع يبدأ من الرابع والعشرين من مارس/ آذار إلى الحادي من أبريل/ نيسان، والفكرة في حدود كونها اختيارا لوقت لا إثارة فيه من حيث المزاحمة لمناسبات وطنية أخرى تحتفل بها المملكة، ومن حيث ما تستهدفه من الوفاء لشهداء الوطن بفعاليات ذات طبيعة هادئة ومنضبطة، وفي هذه الحدود تعد فكرة موفقة، ويحسن بالمؤمنين الاهتمام بها مع الابتعاد عن كل ما يؤثر على الناحية الأمنية التي تهم الجميع".
وفي الملف العراقي دان الشيخ عيسى قاسم العملية الانتحارية في مدينة الحلة العراقية، قائلا: "ما أشد يوم الحلة على المؤمنين... قتل وثكل وتيتم، وآلام وأحزان وخوف وقلق. أبرياء مسالمون لا صلة لهم بحرب ولا مواجهة يتحولون إلى أشلاء ودماء. ما أشده على المعتدين فيوم المظلوم على الظالم أشد منه على المظلوم وويل للظالمين من عذاب النار "..." وما أشده على الأمة المناصرة للعدوان، الراضية به، أو الساكتة عليه، فالمرء يحشر مع من أحب، والسكوت على المنكر منكر".
الشيخ علي سلمان
من جهته دعا رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان إلى المشاركة في "المسيرة الدستورية" يوم الجمعة المقبل، والتي تنظمها "جمعية الوفاق" بالتعاون مع الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري، والتي ستطالب بإحداث تعديلات على دستور المملكة للعام ،2002 متطرقا إلى مبررات التحرك الشعبي في الشأن الدستوري وضوابط المشاركة فيه.
وعن مبررات التحرك الشعبي قال سلمان: "لقد اتفقنا على ميثاق العمل الوطني ووقعناه ولم يكن هناك من تعديلات دستورية سوى في موضعين يتعلق الأول بمسمى الدولة والثاني بإنشاء مجلس شورى معين للاستشارة فقط إلى جانب المجلس المختص بالتشريع، هذا ما نص عليه الميثاق في استشراقات المستقبل، وهو ما وقعه جلالة الملك في الرسالة التي تلاها عليه السيدعبدالله الغريفي، وهو الأمر الذي صرح به الشيخ عبدالله آل خليفة حين أكد أن المجلس المعين للاستشارة فقط".
وشدد سلمان على ضرورة الالتزام بعدد من الضوابط التي اعتبرها مهمة للمشاركة في المسيرة والتي من أهمها رفع أعلام المملكة فقط، وعدم التعدي على رموز الوطن السياسية بقوله: "ونحن نطلق هذه الفعالية فإننا نرفع شعار المحافظة على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للحفاظ على أمن واستقرار البلد ونشاطاته الاقتصادية "..." ويجب أن تحترم هذه الفعالية رموز البلد السياسية ولا تتعرض لشخوصهم، فهذه المسيرة وطنية وليست طائفية، فلن يرفع أي علم غير علم البحرين ولن يردد أو يرفع أي شعار خارج إطار الإصلاح الدستوري".
الشيخ جمعة توفيق
من جهة أخرى ركز خطيب مركز جامع سار الإسلامي الشيخ جمعة توفيق على أهمية "البيت المسلم المتميز" لكونه النواة لبيئة اجتماعية سليمة وحضارية.
وقال الشيخ توفيق: "إن بيت المسلم يجب أن يكون متميزا عن غيره من البيوت بفعل ما شرعه الله للمسلمين في بيوتهم من ذكر الله وخلوها من الفساد، والبيوت التي فيها ذكر الله وصلوات النوافل وقراءة القرآن أصبحت مدرسة للخير يتربى فيها من يسكنها من الأولاد على الطاعة والفضيلة، وفي حال خلت البيوت من هذه الطاعات صارت كما وصفها النبي "ص" قبورا موحشة وأطلالا خربة، سكانها موتى القلوب وإن كانوا أحياء الأجسام، وكيف حال من يتربى في هذه البيوت التي لا تدب فيها الحياة الحقيقية".
وشكا توفيق من كثرة البيوت "المظلمة" في مجتمعاتنا الإسلامية، وقال: "إن مثل هذه البيوت كثيرة في أيامنا، وهي اوكار للشر وجراثيم مرضية تفتك في جسم الامة الإسلامية "..." لقد ابتلى الله بعض البيوت بما يمنع دخول الملائكة فيها، وهذا خراب البيوت".
ورأى توفيق أن إصلاح البيوت يأتي عبر "اتباع شرع الله وهدي نبيه "ص" وإحكام البناء وهندسته على السنة الشريفة، فالله هو الذي حفظ البيوت والأنفس وهو وحده القادر على ذلك، فالمسلم يحفظ بيته بذكر الله سبحانه وتعالى والسير على مسلك الإيمان المحمدي الذي رسم معالم الأسرة الناجحة والمجتمع الناجح".
الشيخ إبراهيم بو صندل
أما خطيب جامع أبوعبيدة الجراح الشيخ إبراهيم بوصندل فخصص جزءا وافرا من خطبته أمس للحديث عن الوعي المروري والسلوك الحضاري في السواقة، معتبرا ذلك من أولويات الدين "لقد انطلقت حديثا في كل دول الخليج فعاليات أسبوع المرور الخليجي الحادي والعشرين تحت شعار "سياقتك دليل أخلاقك". وهي فعالية مهمة جدا تمس غالبية فئات المواطنين بشكل أو بآخر، وتم اختيار شعار جميل فصدقوا ووفقوا في هذا الشعار، ومن جهتنا يمكن القول أيضا إن "سياقتك دليل تدينك أو دليل تقواك" عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "الدين المعاملة" فالسواقة هي نوع من أنواع المعاملة مع الناس، وهناك علاقة وطيدة بين الدين والسواقة".
وتابع بوصندل قائلا: "وصح عن النبي "ص" "من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح" والذي يحبه الله هو الاعتدال والتوسط كما قال تعالى "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواما" "الفرقان: 67"، أي عدلا وتوسطا، فعباد الرحمن لا يظلمون بالإسراف أو التقتير".
وتناول بوصندل آداب الطريق في الشريعة الإسلامية "هناك آداب تحكم هذه التصرفات في الدين. وهنا تأتي آداب الطريق وحث النبي "ص" على احترام الطريق، وكان قد نهى عن الجلوس في الطرقات، فلما أخبروه أنه لابد لهم من ذلك قال: "أعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام" فهذه التصرفات وغيرها هي من الأذى الذي أمر النبي بأن يكف في الطريق".
وتساءل بوصندل: "فكم رملت هذه الحوادث من نساء، وكم يتمت من أبناء، وكم هدمت من أسر، وكم تركت من أمرأة في حسرتها لا تنتهي لها عبرة، ولا تجف لها دمعة على ابنها "..." ولذلك فقد أفتى الشيخ عبدالعزيز بن باز بأن السائق المتهور إذا تسبب في حادث وكان متجاوزا السرعة المحددة أو متجاوزا الإشارة الحمراء فهذا القتل الذي تسبب به هو من القتل العمد وليس الخطأ لأنه ناتج عن إهمال مقصود"
العدد 925 - الجمعة 18 مارس 2005م الموافق 07 صفر 1426هـ